وهكذا يظل الفرد متمتعاً بحقه في الثروة المنقولة التي حازها ، ما دامت الحيازة مستمرة حقيقة أو حكماً [1] . فإذا تنازل الفرد عن حيازته بإهمال المال والاعراض عنه ، انقطع انتفاعه به ، وسقط بسبب ذلك حقه في المال ، وأصبح لأي فرد آخر الاستيلاء عليه والانتفاع به . وهكذا يتضح أن حق الفرد في الماء الذي حازه من البحيرة ، أو الحجر الذي أخذه من الطريق العام ، لا يستند إلى تملكه لفرصة عامة ناجمة عن عمله وإنما يقوم على أساس ممارسة الفرد للانتفاع بتلك الثروة الطبيعية عن طريق حيازته لها [2] . وفي هذا الضوء نستطيع أن نضيف ، إلى المبدأ المتقدم في النظرية القائل : إن كل عامل يملك نتيجة عمله ، مبدأ جديداً وهو : أن ممارسة الفرد للانتفاع بثروة طبيعية ، يجعل له حقاً فيها ، ما دام مواصلاً لانتفاعه بتلك الثروة . ولما كانت الحيازة في مجال الثروات المنقولة عملا من أعمال الانتفاع ، فيستوعبها هذا المبدأ ، ويقيم على أساسها حقاً للفرد في الثروة التي حازها . تعميم المبدأ النظري للحيازة : وهذا المبدأ لا ينطبق على الثروات المنقولة فحسب ، بل ينطبق على المصادر الطبيعية أيضاً ، إذا مارسها الفرد بعمل من أعمال الانتفاع ، كما إذا زرع أرضاً عامرة بطبيعتها ، فان زراعته لها عمل من أعمال الانتفاع ، فيكسب على أساس ذلك حقاً في الأرض ، يمنع الآخرين من مزاحمته ، وانتزاع الأرض منه ، ما دام يواصل انتفاعه
[1] نريد باستمرار الحيازة حكماً : الحالات التي تنقطع فيها الحيازة لسبب اضطراري ، كالنسيان والضياع والاغتصاب ، ونحو ذلك ، فان الشريعة تعتبر الحيازة وممارسة الانتفاع مستمرة حكما ، ولذا تأمر بارجاع المال الضائع أو المغتصب إلى حوزة صاحبه ، ومرده هذا الاعتبار في الحقيقة إلى التأكيد على العنصر الاختياري ، وسلب الأثر عن حالات الاضطرار في مختلف مجالات التشريع . [2] لاحظ جواهر الكلام ج 38 ، ص 122 و 124 .