وأما ثانياً : فما قاله : من أنّها مأمورة بالعبادة ، إن أراد به الأمر في حال وجود الدم فمشكل بعد اقتضاء الأخبار سقوط العبادة عنها المقتضي لعدم يقين شغل الذمّة . واحتمال أن يقال : إنّ الذمّة مشغولة بيقين قبل الدم ، فإذا خرج منه ما تيقن عدم الاشتغال فيه ، بقي ما شك في كونه مشتغلا . فيه ما كرّرنا القول فيه في الكتاب وغيره : من أنّ اليقين يرتفع بالظن الحاصل من الأخبار فلا يحتاج إلى ثبوت المسقط القطعي ، كما يقتضيه كلام العلَّامة . إلَّا أن يقال : إنّ الأخبار مع التعارض توجب الشك فلا يحصل الظن المخرج . وفيه : أنّ الشك أيضاً يقتضي عدم يقين اشتغال الذمّة ، إلَّا أن يقال : بأنّ اليقين لا يزيله الشك كما هو مفاد الأخبار . والحق أنّ يقين اشتغال الذمّة غير حاصل ، إذ الحاصل بالاستصحاب ليس إلَّا الظن ، فإذا حصل الشك بتعارض الأخبار أمكن أن يوجّه بقاء الظن بأنّ الشك لا يعارضه ، وقد يتوجّه عليه أنّ الشك هنا تساوي الظنون ، وفي الحقيقة ليس هو الشك المقابل للظن ، بل إنّما هو في قوة تعدّد الظنون مع عدم المرجّح ، وقد اتفق للشيخ كلام في المقام في التهذيب ذكرنا ما فيه في حاشيته . وبالجملة : فمرجع الكلام إلى أنّ التكليف بالعبادة محقّق إلَّا ما أخرجه الدليل ، ونحن نقول : التكليف موقوف على الدليل بعد زواله ، ويقين التكليف سابقاً لا يفيد لاحقاً بعد وجود الخلاف ، فليتأمّل . وأما ثالثاً : فما قاله العلَّامة من أنّ الأخبار محمولة على المبتدأة . فيه