وإما أن يطلَّقها ويجعلها حرة تختار لنفسها من ترضاه وتستلذّ به ما هو لازم لها . وهذا مما لا خلاف فيه ولا ريب يعتريه ، وإنما الخلاف المهمّ الذي يجب أن يذكر هو ما وقع بينهم من أن أول مدة التربّص المعنيّ به في الآية والرواية هل هو من حينما عزم على ترك الجماع وصرح بذلك بنفسه - كما ذهب إليه ابن أبي عقيل وابن الجنيد والعلَّامة في المختلف وولده في الإيضاح واختاره الشهيد في الروضة والمسالك وتردّد فيه المحقق في الشرائع - ؟ أو من حين الترافع - كما اختاره في الجواهر ونسبه في المسالك إلى المشهور بل عن المبسوط دعوى الإجماع عليه - ؟ أو من حين حكم الحاكم بتلك المدة بعد أن ترفعه الزوجة إليه - كما هو ظاهر بعض الأخبار على ما يأتي بيانه - ؟
واستدل للقول الأول بأمور :
الأول : دلالة ظاهر قوله تعالى * ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ . وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) * [1] حيث رتب التربّص على الإيلاء من غير تعرض فيها لاشتراط المرافعة .
الثاني : الأخبار ( منها ) ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن عمر بن أذينة [2] .

[1] البقرة : 226 و 227 .
[2] هو من أصحاب الصادق والكاظم ( ع ) . وثقه أبو جعفر الطوسي في الفهرست . روى عنه جمع من المعتمدين منهم : ابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى وحماد بن عيسى وعبد العظيم بن عبد اللَّه الحسنى وغيرهم .

78