انها مقدمة ولا منع ولا ضيق في تركها كذلك كما هو واضح وانما العقاب على ترك ذيها فقط حتى ينفى بأدلتها فلا يجرى فيه الأصل أصلا واما على الثالث فإنما يكون الشك في نفس المقدمية شكا في شرطية شيء للواجب وعدمها فيكون داخلا في باب الشك في الشرائط والاجزاء والمختار فيه البراءة وهو واضح . ولا يخفى ما في الوجهين الأولين من الاشكال وهو ان القول بوجوب ترك الضد في مسألة « أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده » ليس مبنيّا على مقدمية ذلك الترك كي يشكل بما مر من انه لا مجال لجريان البراءة لخلو المقام عن احتمال المؤاخذة والعقاب كما هو المعتبر في مجراها بل لو أنكرنا كونه مقدمة كان تركه واجبا وفعله حراما أيضا لما هو التحقيق في هذا الباب من ان الأمر بالشيء والنهى عن ضده كليهما في عرض واحد وانهما متلازمان بحسب حكم العقل فيكون الأمر به في الواقع نهيا عن ضده والا يلزم التناقض في المقام . وبعبارة أخرى : ان إثبات الحرمة في الضد أو الوجوب في تركه انما هو لأجل انه لولاه لزم التناقض أو التضاد لا لأجل المقدمية كي يشكل بما مر من انه لا عقاب في فعله ولا في تركه . والحاصل ان المولى إذا أمر بشيء على نحو الحتم والجزم في آن ، معناه انه نهى عن ضده لبا بحسب حكم العقل في ذلك الآن أيضا والا لم يكن بصدد حفظ أمره بقول مطلق وعلى نحو الجزم والحتم وهو خلاف الفرض مثلا إذا رأى العبد ان ولد المولى كاد ان يغرق أو يحرق ومع ذلك يكون مشغولا بالصلاة هل يعقل ترخيصه له بذلك في تلك الحال أو انه يكره اشتغاله بها فعلا كراهة شديدة بحيث لا يرضى بها أصلا بل يبغضها بغضا أكيدا كما هو ظاهر لمن تدبر وتأمل . ثم لا يخفى أيضا ان حكما من الأحكام مطلقا من وجوب أو حرمة أو غير ذلك كما يثبت بدلالة لفظية كذلك يثبت بدليل لبى عقلي فحينئذ لا مانع من كونهما