ذلك وان كان ذاهبا في أثناء الإقامة ما دون المسافة . فحينئذ إن ساعدنا الدليل في هذا المعنى فنأخذه فلا بد حينئذ من الرجوع إلى ما كان مدركا لما نحن فيه . فنقول انه روى زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال : « قلت له أرأيت من قدم بلدة إلى متى ينبغي له أن يكون مقصرا ومتى ينبغي له ان يتم فقال عليه السّلام : إذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة وان لم تدر ما مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصر ما بينك وبين ان يمضي شهر فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وان أردت ان تخرج من ساعتك » [1] . فإنه عليه السّلام قد قابل المتيقن بإقامة عشرة أيام في أرض ، بالمتردد في إقامته بها وعدمها والمتردد في الإقامة عبارة عمن كان عازما للسفر سابقا ومتلبسا به ولم يكن منصرفا عن عزمه السابق فعلا الا انه لا يدرى هل يقطع ذلك العزم في هذا المحل بإقامة عشرة أيام أو لا يقطع بل يسافر في غد أو بعد غد ويكون مقابله وهو المقيم عبارة عمن كان عازما لترك السفر في هذه المدة من العشرة ولعدم ارتحاله بما معه من الأثاث والأشياء فيها . وكذا قوله عليه السّلام : « تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصر ما بينك وبين ان يمضي شهر » يدل على ان الظاهر بل الواقع ان المراد من الخروج هو الخروج بعنوان السفر وهو خروج خاص لا مطلق الخروج ولو لم يكن في ضمنه إنشاء السفر بأن خرج من سور البلد أو من حد الترخص ثم رجع إليه فالخروج الخاص المدعى هنا هو الخروج الذي لو لم يمنعه مانع لكان مقدما في السفر ومشغولا به وهو كناية عن ارتحاله . فظهر من جميع ما ذكرنا ان ما هو محقق لمعنى الإقامة أمران : أحدهما البناء والعزم على ترك السفر في هذه المدة . وثانيهما عدم الارتحال عن المحل
[1] الوسائل ، أبواب صلاة المسافر ، الباب 15 ، الحديث 9