وثالثة يتعلق بترك ما كان مفسدا لها لو علمنا بترك الركوع والسجود وغيرهما من الأركان . اما الأول فظاهر حكمه لا يحتاج إلى توضيح وبيان . واما الثاني فيظهر حكمه وتفصيله من تفصيل الوجه الثالث من دون حاجة إلى بيان آخر . واما الثالث فهو محتاج إلى امعان النظر وتنقيح المناط في تحقيق المقصود منه فنقول : انه يمكن التمسك فيه بالفساد بأمور . منها : قاعدة الاشتغال فإن ذمة الظان بترك الركوع مثلا قد كانت مشغولة بالتكليف يقينا فبعد الظن به بعد الفراغ يكون شاكا في امتثاله وإطاعته فيجب حينئذ إعادته تحصيلا للبراءة . وفيه ان تحصيل اليقين بالإتيان بفرد آخر من الصلاة اما لأجل تصحيح الفرد المفروغ عنه فغير معقول لأنه في الواقع وفي نفس الأمر اما وقع صحيحا أو وقع فاسدا ولا ينقلب الشيء عما وقع عليه أصلا كما هو مقتضى القاعدة واما التصحيح فرد آخر مباين له فليس هو متعلق الأمر إذا الأمر بالكلي قد تحقق في ضمن الفرد الخاص فبعد تحققه في ضمنه الخاص الذي فرغ عنه فعلا لا يبقى أمر كي يتعلق بغيره . والقول بان هنا أمرين أحدهما متعلق بالطبيعة وثانيهما متعلق بالمصاديق والإفراد على نحو التخيير العقلي في مقام الامتثال بإيجاد الطبيعة المأمور بها في ضمن أي فرد منها شاء وأراد فإذا انتفى الأمر الثاني بالنسبة إلى الفرد الذي فرغ عنه من جهة الظن بترك الركن فيه ، فبالنسبة إلى فرد آخر من محققات الطبيعة ومصاديقها يبقى الأمر بحاله فعلى هذا يجب عليه حينئذ اختيار فرد آخر لتحصيل البراءة القطعية . مدفوع بأن القول بتعدد الأمر غير مجد في المقام إذ الأمر التخييري بمجرد اختيار فرد من المحققات سقط وانحصر التكليف بإيجاد هذا الفرد المختار وإتمامه بمقتضى الأمر بإتمام العمل والنهى عن إبطاله كما في قوله تبارك وتعالى : « لا تُبْطِلُوا