وفيه أولا ان القول بان الوضوء أمر بسيط لا مركب لا شاهد له بل مجرد الدعوى إذ نرى حسا انه مركب من الأفعال والاجزاء . توضيح ذلك : ان معرفة البساطة والتركيب اما بوحدة الأمر وتعدده أو بوحدة الأثر وكثرته فالأول مفقود في المقام إذ كما ان الصلاة مركبة من اجزاء عديدة تعلقت بها أوامر متعددة من ألفاظ كبر واقرأ واركع واسجد وغيرها فالوضوء أيضا كذلك فإنه أيضا مركب تعلقت بها أوامر كثيرة كما في قوله تعالى : « إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ » إلخ [1] . وكذا قوله عز شأنه : « وامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ » [2] بل الذي يتراءى منه في الخارج انه عبارة من أفعال مخصوصة متعينة متعددة كما هو أيضا مرتكز جميع أذهان الناس والحاصل انه منقوض بسائر المركبات . واما الثاني فإن أثر كل مركب مرتب على مجموعه وهو أثر واحد قائم بجميع اجزائه وموجود بوجوده بحيث لو انتفى جزء واحد من اجزائه انتفى ذلك الأثر المخصوص بلا اشكال كما في فتح القلعة فلو توقف فتحها على مائة رجل يترتب عليهم ذلك الأثر إذا اتفقوا فيه واجتمعوا عليه واما إذا انتفى بعض منهم انتفى الأثر الخاص فلا يترتب على الباقي ذلك الأثر بالوجدان . وثانيا ان القول بالبساطة انما اعتبر ذلك للتخلص عن محذور التخصيص في المورد وهو قبيح والحال ان الاشكال المذكور باق على حاله مع اعتبار البساطة فيه أيضا إذ غاية الأمر من اعتبار الشارع البساطة فيه انه خارج عن حكم المركبات لا انه شيء واحد بسيط في الخارج . وبعبارة أخرى : ان وظيفة الشارع من حيث انه شارح ليس له ان يتصرف في الموضوعات الخارجية بل كان له ان يتصرف في أحكامها كيف شاء وأراد والا فالموضوعات
[1] سورة المائدة ، الآية : 6 [2] سورة المائدة ، الآية : 6