المضي في قوله « مما قد مضى » هو ما نزل عرفا منزلة المضي الحقيقي وكذا المراد من المضي في قوله فامضه كما هو ، هو المضي الحقيقي فإن مفاد هذين اللفظين فيه لا يخرج عن وجوه أربعة اما ان يكونا حقيقيين في المضي أو عرفيين أو يكون مفاد الأول منهما حقيقيا والثاني عرفيا أو بالعكس فكل واحد من الوجوه الثلاثة السابقة لا معنى له كما لا يخفى للمتأمل فتعين الوجه الرابع وهو ما ذكرنا من معناهما هنا من كون المراد من معنى المضي في الأول هو المعنى العرفي تنزيلا منزلة المضي الحقيقي وفي الثاني هو المضي الحقيقي . والحاصل ان المدار على معنى المضي العرفي لأنه الموضوع في الحكم بالإمضاء في الاخبار من قوله : فامضه وليس خصوص الفراغ الحقيقي ولا ما نزل منزلته موضوعا له فيها كي يقال : تارة ان محقق الفراغ الحقيقي ، اليقين به قبل حدوث الشك أو الدخول في الغير كما ذهب إليه صاحب الجواهر وكلاهما مفقودان في المقام . وأخرى ان محققه خصوص الانتقال عن محل العمل أو مجرد الانصراف فيه بان لا يرى نفسه مشغولة بالعمل كما مال إليه غيره وهما أيضا مفقودان . واما قوله عليه السّلام في الرواية السابقة « وفرغت عنه » فهو بيان لإحدى المصاديق فكأنه عليه السّلام قال إذا كانت شاغلا بالوضوء فائت بما شككت فيه وإذا قمت منه وفرغت عنه إلخ نظير قولنا ان جائك زيد في الظهر فأعطه عشرة دراهم وان جائك في العصر فلا تعطه شيئا منها حيث ان القضية الثانية بيان لإحدى مصاديق مفهومها إذ عدم مجيء زيد في الظهر يصدق مع مجيئه في العصر والمغرب والعشاء وغير ذلك من الأوقات ولا منافاة بينها أصلا فإن كل واحد منهما مصداق لحرمة الإعطاء له بناء على مفهوم الشرط في القضية الأولى . ويمكن توجيه مفهوم القضية الشرطية بوجه آخر وهو ان معنى قولنا « وإذا جائك في العصر فلا تعطه شيئا » انه بيان لإحدى مصاديق مفهوم القضية الشرطية الأولى فإن مصاديقه تارة حرمة الإعطاء ولو كان درهما واحدا وأخرى يكون المحرم منها درهمين