نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 439
فهذه السورة على قصرها كما تراها في غاية البلاغة إذا انتقدت وركية تنبع كل فصاحة إذا اختبرت . ومن لم يقدر على هذا الاختيار والاعتبار ، فيكفيه في نفي المعارضة والقدرة عليها ما قدمناه من الدليل على سبيل الجملة . فأما قوله تعالى ( فأتوا بسورة من مثله ) فداخل فيه الطوال والقصار من غير تعيين على سورة يقع الاختبار عليها منه عليه السلام من غير تفرقة بين القصار والطوال . ولا خلاف بين المسلمين في ذلك ، لأن التحدي أولا وقع بجميع القرآن في قوله تعالى ( قال لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) ثم وقع الاقتصار على سورة واحدة فقال تعالى ( فأتوا بسورة من مثله ) ولم يفرق بين طويلة وقصيرة . والهاء في قوله ( مثله ) راجعة إلى القرآن لا إليه عليه السلام بلا شك والأمر [1] به . فأما سورة الكافرين وادعائه [2] من جهل في حالها أنها بعيدة من الفصاحة والذي يكذب هذه الدعوى على خلوها من الفصاحة ولقالوا له كيف يعد زيادة فصاحة قراءتك على فصاحتنا ، وهذه السورة خالية من الفصاحة ، فقد وافقوا على ما هو دون ذلك ، وهم للفصاحة أنقد وبمواضعها أعلم . وإنما يجهل فصاحة هذه السورة من لم يعرف ، فظن أن تكرار الألفاظ فيها لغير فائدة مجددة ، والأمر بخلاف ذلك . وقد بينا في كتابنا المعروف ب ( غرر الفرائد ) أن هذه السورة وإن تكررت فيها الألفاظ ، فكل لفظ منها تحته معنى مجدد ، وأن المتكرر ليس هو على وجه التأكيد الذي ظنه الأغبياء ، وبينا فوائد كل متكرر من ألفاظها ، ومن فهم ما قلناه فيها علم أنها في سماء الفصاحة والرجاحة .