نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 428
مقتضاها ، فما أجبتم به أيضا بهذه الصفة . قلنا : الفرق بين الأمرين واضح ، فإن العادة قد جرت للعرب بما ذكرناه في الجواب الأول من المجاز ، وهو في كلامهم وأشعارهم ظاهر شائع ، حتى كاد يلحق بالحقيقة ، وما جرت عادتهم باسم الهدهد وما أشبهه من البهائم شخصا عاقلا مكلفا على سبيل الإفادة ولا التلقيب ، فعدلنا عن مجاز [ غير ] معهود ولا مألوف إلى مجاز معهود مألوف . وأما الجواب الثاني فلا نسلم أنه مجاز ، ولا فيه من الاستعارة ، لأن من حكى معاني كلام غيره بلغة أخرى ، أو على ترتيب آخر بعد أن لا يتجاوز تلك المعاني ولا يتعداها ، وإن عبر عنها بغير تلك العبارة لا يقول أحد أنه متجوز ولا مستعير . فبان الفرق بين الموضعين . فإن قيل : قد شبهتم شيئا وبما لا يشبهه ، لأن القائل : امتلاء الحوض وقال قطني مهلا رويدا قد ملأت بطني إنما مراده امتلاء حتى لو كان ممن يقول لقال كذا ، وكذلك الجبل إنما حكي عنه ما لو كان قائلا لقاله ، وقوله ( وشكى إلي بعبرة وتحمحم ) أي فهمت من بعيره [1] وحمحمته التألم والشكوى ، فأين نظير ذلك في الهدهد . قلنا : مثل هذا قائم في الحكاية عن الهدهد ، لأن سليمان عليه السلام لما رأى أن الهدهد إنما ورد إليه من مدينة سبأ حكي عنه ما لو كان قائلا لقاله من أحوالها وصفة ملكها ، ومعلوم أن الأمر كذلك ، لأن الهدهد لو كان قائلا لقال ، وقد عاين ذلك الملك ( إنني علمت ما لم تعلم وأني وجدت امرأة تملكهم ولها عرش عظيم [2] ) والعرش هاهنا هو الملك أو الكرسي الذي حكيناه
[1] ظ : عبرته . [2] سورة النمل : 23 والآية كذا : إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم .
428
نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 428