نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 427
كما جعل من معجزته فهمه لمنطق الطير وأغراضها في أصواتها . وليس بمنكر أن يقع الكلام الذي فيه بعض الأغراض ممن ليس بعاقل ولا مكلف . ألا ترى أن الصبي الذي لم يبلغ الحلم ولا دخل في التكليف قد يتكلم بكلام فيه أغراض مفهومة وكذلك المجنون . وليس يجب إذا حكى الله تعالى عن الهدهد ذلك الكلام المرتب المتسق أن يكون الهدهد نطق على هذا الترتيب والتنضيد ، بل يجوز أن يكون نطق بما له ذلك المعنى ، فحكاه الله تعالى بلفظ فصيح بليغ مرتب مهذب . وعلى هذا الوجه يحكي العربي عن الفارسي ، والفارسي عن العربي ، وإن كان العربي [1] لا ينطق بالعربية . وعلى هذا الوجه حكى الله تعالى عن الأمم الماضية من القبط وغيرهم ، وعن موسى عليه السلام وفرعون ، ولغتهما لغة القبط ما حكاه من المراجعات والمحاورات ، وهم لم ينطقوا بهذه اللغة ، وإنما نطقوا بمعانيها بلغتهم ، فحكاه الله تعالى باللغة العربية وعفتها وقدسها . وهذا مزيل العجب من نطق الهدهد بذلك الكلام المرتب ، لأنه لا يمتنع أن يكون ما نطق به بعينه ، وإنما نطق بماله معناه . فإن قيل : فقد رجعتم في الجوابين معا عن مطلق [2] القرآن ، لأن حمل القول المحكي على أن المراد به ما ظهر من العلامات والدلالات ، على ما أنشدتموه من الشعر مجاز غير حقيقة . وكذلك إضافة القول المترتب إلى من لم يقله من ترتيبه ، وإنما قال ما له معناه أيضا مجاز ، فقد هربتم من مجاز إلى مجاز ، من أنكم امتنعتم من أن تسموا هدهدا عاقلا كاملا بمخالفة اللغة ، وأنه عدول عن