نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 346
الجواب : إعلم إنا كنا قد ذكرنا فيما سلف من كتبنا أن المانع لأمير المؤمنين عليه السلام من المنازعة في الأمر لمن استبد به عليه ووعظه له وتصريحه بالظلامة منه ، يمكن أن يكون وجوها : أولهما : أن رسول الله صلى الله عليه وآله أعلمه أن الأمة ستغدر به بعده ، وتحول بينه وبين حقه ، وأمره بالصبر والاحتساب والكف والموادعة ، لما علمه عليه السلام من المصلحة الدينية في ذلك ، ففعل عليه السلام من الكف والامساك ما أمر به . وهذا الوجه لا يمكن ادعاؤه في هارون عليه السلام ، فلذلك تكلم وذكر ووعظ . وثانيهما : أنه عليه السلام أشفق من ارتداد القوم ، وإظهار خروجهم عن الإسلام ، لفرط الحمية والعصبية . وهذا فساد ديني لا يجوز المتعرض ، لما يكون سببا فيه ودائما [1] إليه . وليس ذلك في هارون عليه السلام ، لأنه يمكن أن يقال أنه ما علم أن في خطابه للقوم وإنكاره مفسدة دينية . وثالثهما : أنه عليه السلام خاف على نفسه وأهله وشيعته ، وظهرت له أمارات الخوف التي يجب معها الكف عن المجاهدة والمناظرة . ولم ينته هارون في خوفه إن كان خاف إلى هذه الحال . وما حكي في الكتاب عنه عليه السلام من قوله ( إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) [2] لا يدل على أنه انتهى في الخوف إلى تلك المنزلة فللخوف مراتب متفاوتة .