نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 123
وذكرنا أيضا في هذا الكتاب تأويل كل آية أدعي أن ظاهرها يقتضي وقوع معصية من نبي ، وبينا الصحيح من تأويلها ، وسقنا الكلام في نبي بعد نبي ، من آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، وفعلنا مثل ذلك في الأئمة . وهذا كتاب جليل الموقع في الدين كثير الفائدة . فأما قوله تعالى ( وعصى آدم ربه فغوى ) فهذه الآية أول شئ تكلمنا عليها في كتاب ( التنزيه ) وبينا أنها لا تدل على وقوع قبيح من آدم عليه السلام ، وأن ظاهرها يحتمل الصحيح الذي نقوله ، كما أنه محتمل للباطل الذين [1] يذهبون إليه . لأن لفظة ( عصى ) تدل على مخالفة الأمر أو الإرادة ، والأمر والإرادة قد يتعلقان بالواجب وبما له صفة الندب ، والأمر على الحقيقة أمر بالندب ، كما أنه أمر بالواجب دون الندب ، فمن أين لهم أنه خالف الواجب دون أن يكون عصى ، بأن عدل عن المندوب إليه . وليس أن يكون الله تعالى ندبه إلى الكف من تناول الشجرة وعصى ، بأن خالف وتناول ، فلم يستحق عقابا ، لأنه لم يفعل قبيحا ، لكنه حرم نفسه الثواب الذي كان يستحقه على الطاعة التي ندب إليها . ومعنى قوله تعالى ( فغوى ) أي خاب . ولا شبهة في اللغة أن لفظة ( غوى ) تكون بمعنى ( خاب ) قال الشاعر : فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ولم [2] يغو لم يعدم على الغي لائما ومما لم نذكره في كتاب ( التنزيه ) أن قوله تعالى ( فغوى ) بعد قوله ( عصى آدم ربه ) لا يليق إلا بالخلبة ، ولا يليق بالغي الذي هو القبيح وضد الرشد ، لأن