كان الشراء صحيحا ، لأنهما إنما شرعا في البيع فانقطع خيارهما ، ألا ترى إنا قد بينا أنه إذا تصرف فيه أو أحدث المشتري فيه حدثا ، فقد بطل خياره ، وقد حصل التصرف هاهنا فيها فبطل خيارهما وكان الشراء الثاني صحيحا . وإذا باعه قبل التخاير أو التصرف من غير بائعه لم يصح ذلك ، لأن حق الخيار للبائع ، هذا إذا كان المشتري قد اشترى من البائع دراهم . فأما إذا لم يكن ذلك ، وأقرضه الصحاح التي معه واقترض [1] منه مكسرة أكثر منهما ، ثم أبرء كل منهما صاحبه كان ذلك جائزا . وهكذا إذا وهب كل واحد منهما لصاحبه ما معه وأقبضه ، فإنه أيضا يكون جائزا ، وهكذا إذا باع الصحاح بوزنها مكسرة ووهب له الفضل من المكسرة كان جائزا . وإذا كان للإنسان على غيره خمسة دنانير ، فدفع إليه خمسة عددا فوزنها القابض لها فكانت ستة دنانير ، فإن الدينار الزائد للقابض مشاعا فيها ، ولا يكون مغصوبا على القابض من أجل أنه أخذه عوضا ، بل يكون بمنزلة الأمانة في يده ، فإذا كان كذلك فإن أراد ، استرجع منه دينارا وإن أراد هبة وهبها له ، وإن أراد اشترى منه عوضا به ، وإن أراد أخذ به دراهم ويكون ذلك صرفا . ولا يجوز أن يفارقه قبل أن يقبض الدراهم ، فإن أراد ، جعله ثمنا لموصوف في ذمته إلى أجل سلما اثنان ، مع أحدهما دينار قيمته عشرون درهما ، والآخر معه عشرة دراهم ، فإن أراد أن يشتري الدينار منه بعشرين درهما ، فاشترى نصف دينار بعشرة وسلم العشرة إليه وقبض الدينار منه فيكون نصفه عن بيع ونصفه وديعة في يده ، إن تلف لم يضمن . ثم استقرض منه العشرة التي سلمها إليه واشترى منه بها النصف الباقي من الدينار صح ذلك ، ويصير جميع الدينار للمشتري ، والبائع قد استوفى جميع الثمن وله على المشتري عشرة دراهم قرضا .