نام کتاب : الكافي في الفقه نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 54
دون الثواب لا يقتضي قبح تكليفه ، لأنه محسن بالتكليف إليه من حيث كان تعريضا لنفع عظيم لا يوصل إليه إلا به ، وإنما فات المكلف هذا النفع بسوء اختياره وقبح نظره لنفسه . ولأنه سبحانه قد فعل به ما فعله بمن علم أنه يؤمن [ من ] الأقدار والتمكين والاستصلاح ، فماله حسن تكليف الطائع يجب أن يحسن له تكليف العاصي . وأيضا فإن حقيقة التكليف إرادة المكلف على ما تقدم بيانه ، والإرادة إنما تكون قبيحة إذا كان مرادها قبيحا كما أنها إنما تكون حسنة إذا كان مرادها حسنا ، لا وجه له بحسن أو قبح إلا ذلك ، وإذا كان هذا متقررا ببرهانه ، وكانت إرادته سبحانه من المكلف أن يفعل الحسن ويجتنب القبيح ليصل إلى نفع عظيم لا يصل إليه إلا به ، ثبت حسنها لتعلقها بما علم حسنه ، وكان ذلك إحسانا إلى المكلف في الحقيقة ، إذ لا فرق في ثبوت الاحسان بين أن يكون فعلا مقصودا به الأنعام على الغير وبين تعريضه له ، بل التعريض أشرف . وإذا ثبت حسن هذه الإرادة لم يؤثر في حسنها عصيان المكلف في الثاني ، لأنها قد وجدت على وجه يحسن ، وانتفت عن الوجود وهي على هذه الصفة فصارت معدومة ، ووجد عصيان المكلف وهي معدومة والعصيان الموجود لا يقتضي قبح الإرادة المعدومة ، لعدم التعلق بينهما ، فكيف يتوهم عاقل قبحها به لولا الجهل بهذا العلم . وليس لأحد أن يقول إن علمه سبحانه بأنه سيعصي مقتض لقبح إرادة الطاعة ، لأن كل متعلق من الإرادات والكراهات إنما يحسن أو يقبح لحسن متعلقه أو قبحه دون شئ غير ذلك ، من حيث كان الحسن والقبح وجهين لحدوث الحادث دون ما عداهما ، وهذا واضح ببرهانه ، ووضوحه يقتضي حسن إرادته من المكلف فعل الحسن واجتناب القبيح ، ويحيل قبحها لما يعلمه
54
نام کتاب : الكافي في الفقه نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 54