نام کتاب : السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 75
والخصوص قوله تعالى : " ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن " [1] . فلو قضينا بالعموم في الآية الأولى لرفعنا حكم آية الحيض جملة ولو تركنا العمل بأحدهما لخالفنا الأمر في قوله تعالى : " واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم " [2] فلم يبق إلا القضاء بالخصوص على العموم حسب ما بيناه . فلما قال الشارع : إذا وقع في البئر إنسان ومات فيها ، يجب نزح سبعين دلوا ، علمنا أن هذا عموم ، ولما أجمعنا على أنه إذا باشرها كافر وجب نزح جميع مائها ، علمنا أنه خصوص ، لأن الإنسان على ضربين : مسلم محق ، وكافر مبطل هذا إنسان ، وهذا إنسان بغير خلاف ، فانقسم الإنسان إلى قسمين ، والكافر لا ينقسم ، لا يقال : هذا كافر وليس هذا بكافر ، فإن أريد بالكافر الإنسان على القسمين معا كان مناقضة في الأدلة ، والأدلة لا تتناقض ، فلم يبق إلا أنه أراد بالإنسان ما عدا الكافر الذي هو أحد قسمي الإنسان ، وما هذا إلا كإستدلالنا كلنا على المعتزلة في تعلقهم بعموم آيات الوعيد ، مثل قوله تعالى : " وإن الفجار لفي جحيم " [3] ففجار أهل الصلاة داخلون في عموم الآية ، فيجب أن يدخلوا النار ولا يخرجوا منها فجوابنا لهم : إن الفجار على ضربين : فاجر كافر ، وفاجر مسلم ، وقد علمنا بالأدلة القاهرة من أدلة العقول التي لا يدخلها الاحتمال إن فاجر أهل الصلاة غير مخلد في النار ، وهو مستحق للثواب بإيمانه ، قال الله تعالى في آية أخرى : " جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأويهم جهنم وبئس المصير " [4] ، فعلمنا أن الفجار في الآية من عدا فجار أهل الصلاة من فجار الكفار ، لأنه ليس كل فاجر كافرا وكل كافر فاجرا ، فأعطينا كل آية حقها وكنا عاملين بهما جميعا فالعموم قد يخص بالأدلة لأنه لا صيغة له عندنا .