وأمّا الجوامع الفقهيّة فكلها نجد أثر السرائر فيها ، حيث نقل مؤلّفوها آراء ابن إدريس فراجع مؤلّفات المحقق ، والعلامة الحلي ، والشهيدين ، وراجع الجواهر ، ومفتاح الكرامة ، والحدائق وغيرها ، وحتى في المجال الأصولي لا نعدم تلمس أثر ابن إدريس من خلال كتابه السرائر .
فهذا شيخ الطائفة الشيخ الأنصاري ذكر في كتابيه الرسائل والمكاسب آراء المصنّف وعدّه الشيخ عبد النبي الكاظمي ت 1256 ه‌ في مقدمة كتابه تكملة الرجال ج 1 ص 5 من جملة مصادر كتابه ، وحتى في المؤلّفات الرجالية تجد أثر السرائر ، وغير هؤلاء .
وفي ختام هذا الفصل أود أن أشير إلى أنا تبيّنا من خلال مواده ، انّ كتاب السرائر كان نمطاً خاصاً في شكله ومضمونه .
فهو ثورة في الشكل حيث لم يعهد في كتاب فقهي في حجمه تضمن استطرادات كثيرة موزّعة على موضوعات مختلفة ، من بيانات إيضاحيّة ، ونكات أدبية ، وتحقيقات تاريخيّة ، وشواهد شعريّة ، حتى انّا وجدنا بينها شاهداً من شعر المجون ، وغير ذلك مما لا يخضع لموضوع الكتاب .
كما انّه كان ثورة في المضمون والمحتوى ، حيث أعلنها خصومة جدلية بلا هوادة مع الفقهاء على ما كان لديهم من قبيل المسلمات البديهيّة ، أو الحقائق العلميّة ، فأبدع في الوسيلة العلمية إلى تحقيق ما جرى إلى تحقيقه ، من عرض تلك الآراء على مقاييس البحث ومعايير التحقيق ، فقبل منها ما صحّ عنده ، ونفى عنه ما لم يصححه الميزان .
ولا شك انّه أضاف إلى ذلك كله جهداً بالغاً في التجديد ، كاشفاً عمّا في القديم من هنات ، وكان من جراء تلك الثورات غضبات من أنصار المدرسة

57