المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وأفضل المصلين على رسوله محمد وآله الأطيبين الأطهرين . وبعد ، فان علماءنا العظام ، وأسلافنا الصالحين الكرام ، لم يدعوا علما من العلوم وفنا من الفنون دون أن يخوضوا فيه ، ويسبروا غوره ، ويغوضوا في أعماق لججه ، ويشبعوه بحثا وتنقيبا وشرحا وتحقيقا ، فقدموا لبني الانسان بعد المعاناة العلمية والجهود الجبارة بكل أبعادها زادا نافعا من المعرفة والخدمة العلمية ، التي بها وعن طريقها فحسب يكتسب الانسان سعادته في الدارين ، ويتسنم العلياء ، ويرتقي سلالم المجد والعظمة . فكان أن كتبوا - رحمهم الله - في كل صغيرة وكبيرة ، وفي شتى موضوعات الثقافة والفكر ، طارقين أي باب يمكن من خلاله أن ينفذ إليه الفكر البشري ، فخلفوا لنا ثروة ضخمة من جواهر الأفكار مصاغة في قوالب شتى : في الكتاب الكبير ، أو الكتاب الصغير ، أو الرسالة الصغيرة التي لا تتعدى في مجموعها إلا بضعة أوراق معدودة من حيث الهيئة . ومن هذا النوع الأخير رسالتنا - التي بين يديك - فإنها رغم صغر حجمها ، جليلة المضامين ، ثرة المعاني ، صاغها مؤلفها - رحمه الله - بقالب علمي مبسط ، وأسلوب فقهي رزين ، فجمع بذلك بين المتانة في العرض ، والبساطة في التعبير . ورغم نفاسة هذه الرسالة العلمية وأهمية بحثها من الناحية الفقهية والعبادية ، فإنه لم يكن مقدرا لها قبل هذا أن ترى النور ، وتطبع مصححة منقحة بأسلوب فني وجديد . . . حتى شاء الله سبحانه أن يمدنا بعونه ، ويلهمنا العزم والهمة ، ويشملنا بعنايته وتوفيقه ، فأخرجنا هذا الأثر