نام کتاب : البيان ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الأول جلد : 1 صفحه : 18
وبشكل مختصر نستطيع أن نقول : إن الأوضاع السياسة القلقة السائدة أنذاك ، والفتن الطائفية التي أثيرت ، والحقد والحسد للمكانة التي احتلها الشهيد لا في دمشق فقط ، بل في العالم الاسلامي اجمع ، كل هذه العوامل وغيرها أدت إلى تدبير مؤامرة ضد الشهيد ، كانت نتيجتها تلك الفاجعة المؤلمة . فإن يوسف بن يحيى زعيم اليالوش ، قدم محضرا شنع فيه على الشهيد بأقاويل باطلة نسبها إليه ، وشهد عليها سبعون نفرا من اتباعه ، بالإضافة إلى ألف نفر من اتباع ابن جماعة شهدوا أيضا . وابن جماعة هذا كان حاقدا على الشهيد لمكانته الاجتماعية العالية ، فكان يسعى ويدبر المؤامرة تلو الأخرى للإطاحة بالشهيد رحمه الله . بعد هذا كله قدم المحضر إلى قاضى بيروت ، وفيل قاضى صيدا ، وأتوا بالمحضر إلى ابن جماعة ، فأرسله إلى القاضي المالكي وقال له : أتحكم برأيك . فعقد مجلسا للقضاء ، حضرة الملك والقضاة وجمع كبير من الناس والشهيد رحمة الله ، فوجهت إليه التهم ، فأنكر الشهيد ذلك ، فلم يقبل منه الانكار وقبل له : قد ثبت ذلك عليك شرعا ولا ينتقض حكم الحاكم فقال الشهيد رحمه الله : الغائب على حجته فإن أتى بما يناقض الحكم جاز نقضه وإلا فلا ، وها أنا أبطل شهادات من شهد بالجرح ، ولي على كل واحد حجة بينة . لكنهم لم يسمعوا منه ، وعاد الحكم إلى القاضي المالكي ، فقام وتوضأ وصلى ركعتين ، ثم قال : قد حكمت بإهراق دمه ! ! ! ومن المعاملة السيئة التي عوملت بها جثة الشهيد يتبين مدى حقدهم وحنقهم على الشهيد ، فقتل بالسيف ، ثم صلب ، ثم رجمه جلاوزة الطاغوت ، ثم احرق جسده الطاهر . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولعنة الله على الظالمين . فما أحلى حياة كحياة الشهيد ، قضاها بالدرس ، والتدريس ، والتبليغ والتأليف ، ونشر مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وما أحلى الموت إذا كان كموت الشهيد ، فإنه استشهد مظلوما دفاعا عن مبدأه ، وعقيدته ، وعن مذهب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وظهرهم تطهيرا ، فسلام عليك يا سيدي يوم ولدت ، ويوم استشهدت ، ويوم تبعث حيا . هذا عرض سريع لحياة الشهيد الأول محمد بن مكي الجزيني العاملي ، ومن أراد تفصيلا عن مسيرة حياته المباركة فليراجع المصادر التالية :
18
نام کتاب : البيان ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الأول جلد : 1 صفحه : 18