نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 28
العالم قديما ، لأن العلة توجب معلولها في الحال والسبب يوجب المسبب إما في الحال أو الثاني ، وكلاهما يوجبان قدم الأجسام وقد دللنا على حدوثها ، فبطل بذلك أن يكون صانع العالم موجبا ولم يبق بعد ذلك إلا أن يكون مختارا له صفة القادرين . وإذا ثبت كونه قادرا وجب أن يكون حيا موجودا ، لأن من المعلوم أن القادر لا يكون إلا كذلك ، فثبت أنه تعالى قادر حي موجود . وأما الذي يدل على أنه عالم هو أن الأحكام ظاهر في أفعاله كخلق الإنسان وغيره من الحيوان ، لأن فيه من بديع الصنعة ومنافع الأعضاء وتعديل الأمزجة وتركيبها على وجه يصح معه أن يكون حيا لا يقدر عليه إلا من هو عالم بما يريد فعله ، لأنه لو لم يكن عالما لما وقع على هذا الوجه من الأحكام والنظام ولاختلف في بعض الأحوال ، ولما كان ذلك واقعا على حد واحد ونظام واحد واتساق واحد دل على أن صانعه عالم . وكذلك خلقه الثمار في أوقات مخصوصة لا تختلف وفي كل شجر ما هو من جنسه وفي كل حيوان من شكله دال على أن خالق ذلك عالم ، وإلا لكان يجوز أن يخلق الفواكه الصيفية في الشتاء والشتوية في الصيف ، ويخلق في البهيمة من جنس ابن آدم أو في ابن آدم من جنس البهائم ، أو يخلق في النخل نبقا وفي الرمان تفاحا وغير ذلك . وفي علمنا بالمطابقة في هذا الباب دليل على أن صانعها عالم بما صنعه . ألا ترى أن في المشاهد لا تقع الكتابة إلا ممن هو عالم بها ، ولا النساجة إلا ممن هو عالم بترتيبها وكيفية إيقاعها ، وغيره وإن كان أقدر منه يتعذر عليه مثله لفقد علمه ، والضعيف القليل القدر يصح منه ذلك لعلمه بكيفية إيقاعه . وإذا كان القدر اليسير من أفعالنا المحكمة لا تقع إلا من عالم ، فألا تقع
28
نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 28