نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 175
فإذا تكلفه رك كلامه ، ولذلك تفاضل الشعراء في أوزان الشعر : فمنهم من يقوى على الطويل دون الرجز ، ومنهم من لا يتأتى منه غير الرجز ولو تكلف الطويل لرك كلامه . والرجال المفرطون في الفصاحة معروفون كالعجاج ورؤبة وغيرهما وإن لم يكن لهما قصيد ، وإن كان فلم يشبه الرجز ولا قاربه . وإذا ثبت ذلك فليس في وجود كثير من كلام العرب ما يدل على أنهم لو تكلفوه بهذا النظم لكان مثله ، لما عدلوا عن المعارضة وتعذرت عليهم إما لفقد علمهم بالنظم وإن كان فصيحا أو لعلمهم بأنهم لو تكلفوا ذلك لوقعوا دونه دل ذلك على أن القرآن خارق للعادة بمجموع الأمرين . على أن اشتباه كثير من كلام العرب على الفصحاء لا يدل على أنه مثله ، لأنه قد يشتبه الشيئان على أصحاب الصنائع وإن كان بينهما بون بعيد ، كاللؤلئين الغاليين في الثمن والمشتبهين المنهرجين حتى أنه لا يدخل الشبه بينهما ويتم الأغلاط ، وإن كان لا يشتبه عندهم لؤلؤة حقيرة مع مختلفة . ومن الناس من قال : إن المطبوعين على الفصاحة الذين هم في الطبقة الأولى وجدوا الفرق بين فصيح كلام العرب وبين القرآن وإنما كابروا في ذلك ، وكل من يجري مجراهم فهو مثلهم . فأما من لم يبلغ تلك المنزلة فهو لا يعلم الفرق فربما قلد وأحسن الظن أو اعتقد اعتقادا ليس بعلم ، فلا يمكن ادعاء العلم الضروري في ذلك ، وعلم أنه لو كان وجه الاعجاز سلب العلوم لكانت العرب إذا سلبوا هذه العلوم خرجوا عن كمال العقل . وبهذا أجبنا من قال لم لا يجوز أن يكون من تأتى منه الفعل المحكم معتقدا أو ظانا دون أن يكون عالما . بأن قلنا : ما لأجله تأتى الفعل المحكم هو أمر يلزم مع كمال العقل ، فلا يخرج عنه إلا باختلال عقله . والعلم بالفصاحة
175
نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 175