نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 17
وكالمسك الذي يخرج من بعض الظباء والعنبر الذي يخرج من البحر ، فيعلم بذلك أن مصرف ذلك وصانعه قادر عالم لتأتي ذلك واتساقه ولعجزه وعجز أمثاله عن ذلك ، فيعلم بذلك أنه مخالف لجميع أمثاله ، فيكون عارفا بالله على الجملة . وكذلك إذا نظر إلى السماء صاحية فتهب الرياح وينشأ السحاب ويصعد ولا يزال يتكاثف ويظهر فيه الرعد والبرق والصواعق ، ثم ينزل منه من المياه والبحار العظيمة التي تجري منها الأنهار العظيمة والأودية الوسيعة ، وربما كان فيه من البرد مثل الجبال ، كل ذلك في ساعة واحدة ثم تنقشع السماء وتبدو الكواكب وتطلع الشمس أو القمر كأن ما كان لم يكن من غير تراخ ولا زمان بعيد ، فيعلم ببديهة أنه لا بد أن يكون من صح ذلك منه قادرا عليه ممكن منه 1 ) وأنه مخالف له ولأمثاله ، فيكون عند ذلك عارفا بالله . وأمثال ذلك كثيرة لا نطول بذكره ، فمتى عرف الإنسان هذه الجملة وفكر فيها هذا الفكر واعتقد هذا الاعتقاد ، فإن مضى على ذلك ولم يشعثه خاطر ولا طرقته شبهة فهو ناج متخلص . وأكثر من أشرتم إليه يجوز أن يكون هذه صفته ، وإن بحث عن ذلك وعن علل ذلك فطرقته شبهات وخطرت له خطرات وأدخل عليه قوم ملحدون ما حيره وبلبله ، فحينئذ يلزمه التفتيش ولا تكفيه هذه الجملة ، ويجب عليه أن يتكلف البحث والنظر ، على ما سنبينه ليسلم من ذلك ويحصل له العلم على التفصيل . ونحن نبين ذلك في الفصل الذي يلي هذا الفصل على ما وعدنا به إنشاء الله . فإن قيل : أصحاب الجمل على ما ذكرتم لا يمكنهم أن يعرفوا صفات الله تعالى وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه منها على طريق الجملة ، وإذا لم
1 ) في ج " على كل ممكن فيه " .
17
نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 17