نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 132
والآية الثالثة تقتضي أنه يغفر جميع الذنوب إلا ما أخرجه الدليل من الكفر والتوبة ليس لها ذكر في الآية ، فمن شرطها فقد ترك الظاهر . وقوله " وأنيبوا إلى ربكم " 1 ) كلام مستأنف لا يجب أن يشرط ذلك في الآية الأولى ، لأن عطف المشروط على المطلق لا يقتضي أن يصير مشروطا . وأما الطريقة الثالثة فهي أن يقال : إنما شرطتم التوبة وكبر المعصية ، لأن التوبة تسقط العقاب وعظم الطاعة أيضا يسقط صغير المعصية ، فما اقتضى هذين الشرطين اقتضى شرط العفو ، وكلامنا مع من يحسن العفو عقلا فأما من منع منه وقال لا يحسن العفو عقلا فقد مضى الكلام عليه ، وإذا كان العفو جائزا عقلا مسقطا للعقاب وجب أن يشرط أيضا كما شرطنا الشرطين الآخرين . وليس لهم أن يقولوا : العقل يقتضي إسقاط العقاب بالتوبة وزيادة الثواب ، وليس في العقل ما يدل على حصول العفو ، وذلك أن العقل كما اقتضى سقوط العقاب بالثواب وزيادة الثواب كذلك يقتضي سقوطه عند العفو ، كما يجوز أن يعفو مالك العقاب [ يجوز أن لا يعفو ، وكذلك يجوز أن يختار العاصي التوبة و ] 2 ) يجوز أن لا يختارها . وكذلك القول في عظم الطاعة ، فينبغي أن يقابل بين وقوع التوبة ووقوع العفو وبين الجواب في حصولها وحصول العفو ، فإنهما سواء لا ترجيح لأحدهما على الآخر . ومتى قالوا عموم آيات الوعيد يدل على أنه تعالى لا يختار العفو . قلنا : هلا منع ذلك من اختيار العاصي التوبة المسقط للعقاب أو عظيم الطاعة ، لأنكم إنما تمنعون بالظاهر اختيار العفو ليسلم وقوع العقاب ، وهذا بعينه قائم في التوبة وزيادة الثواب ، فيبغي أن تقولوا الظواهر تمنع من وقوعها . وقد فرغنا
1 ) سورة الزمر : 54 . 2 ) الزيادة من ر .
132
نام کتاب : الاقتصاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 132