( مسألة 28 ) : لو وجد المثل ولكن تنزّل قيمته لم يكن على الغاصب إلَّا إعطاؤه ، وليس للمالك مطالبته بالقيمة ولا بالتفاوت ، فلو غصب منّاً من الحنطة في زمان كانت قيمتها عشرة دراهم وأتلفها ولم يدفع مثلها قصوراً أو تقصيراً إلى زمان قد تنزّلت قيمتها وصارت خمسة دراهم ، لم يكن عليه إلَّا إعطاء منّ من الحنطة ، ولم يكن للمالك مطالبة القيمة ولا مطالبه خمسة دراهم مع منّ من الحنطة . بل ليس له الامتناع عن الأخذ فعلًا وإبقاؤها في ذمّة الغاصب إلى أن تترقّى القيمة إذا كان الغاصب يريد الأداء وتفريغ ذمّته فعلًا . ( مسألة 29 ) : لو سقط المثل عن الماليّة بالمرّة من جهة الزمان أو المكان ، فالظاهر أنّه ليس للغاصب إلزام المالك بأخذ المثل . ولا يكفي دفعه في ذلك الزمان أو المكان في ارتفاع الضمان لو لم يرض به المالك ، فلو غصب جمداً في الصيف وأتلفه وأراد أن يدفع إلى المالك مثله في الشتاء ، أو قربة ماء في مفازة فأراد أن يدفع إليه قربة ماء عند الشطَّ ليس له ذلك ، وللمالك الامتناع ، فله أن يصبر وينتظر زماناً أو مكاناً آخر فيطالبها بالمثل الذي له القيمة ، وله أن يطالب الغاصب بالقيمة فعلًا ، كما في صورة تعذّر المثل ، وحينئذٍ فالظاهر أنّه يراعى [1] قيمة المغصوب في زمان الغصب ومكانه . ( مسألة 30 ) : لو تلف المغصوب وكان قيميّاً كالدوابّ والثياب ضمن قيمته ، فإن لم يتفاوت قيمته في الزمان الذي غصبه مع قيمته في زمان تلفه فلا إشكال ، وإن تفاوتت بأن كانت قيمته يوم الغصب أزيد من قيمته يوم التلف أو العكس فهل يراعى الأوّل أو الثاني ؟ فيه قولان [2] مشهوران ، لا يخلو ثانيهما من رجحان ، لكن الأحوط التراضي والتصالح فيما به التفاوت . هذا إذا كان تفاوت القيمة من جهة السوق وتفاوت رغبة الناس ، وأمّا إن كان من جهة زيادة ونقصان في العين كالسمن والهزال فلا إشكال في أنّه يراعى أعلى القيم وأحسن الأحوال ، بل لو فرض أنّه لم يتفاوت قيمة زماني الغصب والتلف من هذه
[1] المسألة مشكلة ، فالأحوط التخلَّص بالتصالح . [2] وهنا وجه آخر لا يخلو من قرب ، وهو مراعاة قيمة يوم الدفع ، لكن لا يترك الاحتياط بأكثر الأمرين بين يوم التلف ويوم الدفع .