كتاب الوديعة وهي استنابة [1] في الحفظ ، وبعبارة أُخرى : هي وضع المال عند الغير ليحفظه لمالكه ، ويطلق كثيراً على المال الموضوع . ويقال لصاحب المال : المودع ، ولذلك الغير : الودعي والمستودع . وهي عقد يحتاج إلى الإيجاب ، وهو كلّ لفظ دالّ على تلك الاستنابة كأن يقول : « أودعتك هذا المال » أو « احفظه » أو « هو وديعة عندك » ونحو ذلك ، والقبول الدالّ على الرضا بالنيابة في الحفظ ، ولا يعتبر فيها العربيّة ، بل تقع بكلّ لغة . ويجوز أن يكون الإيجاب باللفظ والقبول بالفعل بأن قال له المالك مثلًا : هذا المال وديعة عندك ، فتسلَّم المال لذلك ، بل يصحّ وقوعها بالمعاطاة بأن يسلَّم مالًا إلى أحد بقصد أن يكون محفوظاً عنده ويحفظه فتسلَّمه بهذا العنوان . ( مسألة 1 ) : لو طرح ثوباً مثلًا عند أحد ، وقال : هذا وديعة عندك ، فإن قبلها بالقول أو الفعل الدالّ عليه ولو بالسكوت [2] الدالّ على الرضا بذلك ، صار وديعة وترتّبت عليها أحكامها ، بخلاف ما إذا لم يقبلها حتّى فيما إذا طرحه المالك عنده بهذا القصد وذهب عنه ، فلو تركه من قصد استيداعه وذهب ، لم يكن عليه ضمان وإن كان الأحوط القيام بحفظه مع الإمكان . ( مسألة 2 ) : إنّما يجوز قبول الوديعة لمن كان قادراً على حفظها ، فمن كان عاجزاً لم يجز [3] له قبولها على الأحوط . ( مسألة 3 ) : الوديعة جائزة من الطرفين ، فللمالك استرداد ماله متى شاء وللمستودع
[1] أو عقد يفيدها . [2] تحقّقها به مشكل . [3] إلَّا إذا كان المودع أعجز منه في الحفظ مع عدم مستودع آخر ، فإنّ الجواز في هذه الصورة غير بعيد ، خصوصاً مع التفات المودع .