أجاب دعوته ، ولم يرد طلبته ، سبحان من هو جواد في كل ما يفعل بالعباد ، فمن انقطع إلى غير الله وكله الله إليه إجابة لدعوته . كل عمل من كل عامل سواء أكان للدنيا أو للآخرة ، وكان للفرد أو المجتمع لابد أن يكون عن علم ، والعلم هو الذي لا يحتمل الخلاف ، وإلا كان العمل عن جهل حتى لو كان عن ظن ، فإن الظن لا يغني من الحق شيئا ، فيكون لا محالة ما يفسده أكثر مما يصلحه . وقال ( عليه السلام ) : " من أطاع هواه أعطى عدوه مناه " [1] . إن الهوى يهوي بمن اتبعه إلى مهالك الدنيا والآخرة ، ويحجب العقل عن إدراك الحسن والقبح ، والخير والشر ، فيصده عن الحق ، فيضل عن سبيل الله ، وماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ ! قال الله تعالى : { واتبع هواه وكان أمره فرطا } [2] فأعدى عدوك هي نفسك التي بين جنبيك ، فمن أطاع هواه فقد أعطى عدوه مناه . وقال ( عليه السلام ) : " قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعا لما تهواه " ( 3 ) . وقال ( عليه السلام ) : " إياك ومصاحبة الشرير ، فإنه كالسيف المسلول يحسن منظره ، ويقبح أثره " ( 4 ) . إن أصحاب النفوس الشريرة يخفون شرهم وراء القول والعمل الكاذب ، ويظهر شرهم عند ما يصدر منهم ، كما يظهر أثر السيف المسلول إذا ضرب به . وقال ( عليه السلام ) : " من لم يعرف الموارد أعيته المصادر " ( 5 ) . جمع ( عليه السلام ) في هذه الجملة ما يوجب السعادة والشقاء ، فإن من لم يعرف ما يرد
[1] و [2] بحار الأنوار ج 75 ص 364 . ( 2 ) سورة الكهف : 28 . ( 4 ) بحار الأنوار ج 75 ص 364 . ( 5 ) بحار الأنوار ج 75 ص 364 .