فإن فعلت وإلا ضربت عنقك . لقد جمع ( عليه السلام ) بين الانتهاء بنهي الله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [1] ، وبين القبول بولاية العهد قبولا كان بعينه ردها ، حيث قال : وأنا أقبل على أن لا أولي أحدا ، ولا أعزل أحدا ، ولا أنقض رسما ولا سنة . فإذا لم يكن له عزل ولا نصب ولا تصرف في أمر كان قبوله كما قال ( عليه السلام ) : قد علم الله كراهتي لذلك ، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ، ويحهم أما علموا أن يوسف ( عليه السلام ) كان نبيا رسولا ، فلما دفعته الضرورة إلى تولى خزائن العزيز ، قال له { اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم } [2] ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك ، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه ، فإلى الله المشتكى وهو المستعان [3] . ومما يكشف عن نوايا المأمون وما كان عليه الإمام ( عليه السلام ) من الشدة والحرج ، أنه بعدما كتب المأمون بذلك إلى البلدان ، وضربت الدنانير والدراهم باسم الإمام ( عليه السلام ) ، وخطب له على المنابر ، حضر العيد ، فبعث المأمون إلى الرضا ( عليه السلام ) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ليطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضله وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة ، فبعث إليه الرضا ( عليه السلام ) وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الأمر ، فقال المأمون : إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الأمر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله
[1] سورة البقرة : 195 . [2] سورة يوسف : 55 . [3] عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 2 ص 139 باب 40 ح 2 ، علل الشرائع باب 173 العلة التي من أجلها قبل الرضا ( عليه السلام ) من المأمون ولاية العهد .