وقلت فيما قلت : أنظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) واتق شق عصا هذه الأمة ، وأن تردهم إلى فتنة ، وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها ، ولا أعظم نظرا لنفسي ولديني ، ولأمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلينا أفضل من أن أجاهدك ، فإن فعلت فإنه قربة إلى الله ، وإن تركته فإني أستغفر الله لذنبي [ لديني ] ، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري . وقلت فيما قلت : إني إن أنكرتك تنكرني وإن أكدك تكدني ، فكدني ما بدا لك ، فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في ، وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك [ لأنك ] على أنك قد ركبت بجهلك [ جهلك ] وتحرضت على نقض عهدك ، ولعمري ما وفيت بشرط ، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ، ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا ، فقتلتهم مخافة أمر ، لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا ، فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب ، واعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وليس الله بناس لأخذك بالظنة ، وقتلك أولياءه على التهم ، ونفيك أوليائه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب ، لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك ، وغششت رعيتك [ وأخزيت ] أخربت أمانتك ، وسمعت مقالة السفيه الجاهل ، وأخفت الورع التقي لأجلهم ، والسلام [1] . ولما قرأ معاوية الكتاب أشار من حوله إليه بأن يجيبه بما يصغر إليه نفسه ، قال : وما عسيت أن أعيب حسينا ، والله ما أرى للعيب فيه موضعا . ومن تأمل هذا الجواب يعلم ما معنى قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " وأنا من حسين " . وكتب ( عليه السلام ) في وصيته إلى أخيه : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي
[1] اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) ص 48 رقم 98 و 99 في ترجمة عمرو بن الحمق ، الإحتجاج ج 2 ص 21 بتفاوت .