الإفادة والاستفادة والاحتجاج والإعذار ، ولولا حجية الظواهر لاعتذر كل ملحد عن ظاهر كلامه بما يتخلص به عن المؤاخذة . والبيعة الثانية كانت مبنية على الأولى ، وهل يكون المبني على الفلتة والشر حقا وخيرا ! والثالثة بنيت على الثانية مع أنها جعلت في الشورى المركبة من الستة المخالفة لإجماع الأمة من أن الخلافة إما بالنص وإما بانتخاب الأمة . وقد أمر - مع الاختلاف - بتقديم ما مال إليه عبد الرحمن بن عوف [1] ، وبذلك أنهى أمر الاسلام والمسلمين إلى حكومة شخص لم يقم دليل على حجية قوله بانفراده في الدعوى على درهم عند الحاكم ، فكيف على الخلافة التي تدور عليها رحى أحكام الاسلام وأمور المسلمين ؟ ! وقد كانت نتيجة الشورى التي أعطى فيها حق النقض لعبد الرحمن بن عوف انتقال خلافة سيد المرسلين إلى الأمويين ، ثم آل الأمر إلى ابن أبي سفيان ، وأخذ البيعة لشارب الخمر وصاحب الكلب وناكح المحرمات ، فاستخلف الكفر والطغيان والبغي والعدوان عن الاسلام والقرآن والعدل والإحسان ، ولم يبق من يخاف من سطوته إلا الحسين ( عليه السلام ) . كتب معاوية إلى الحسين ( عليه السلام ) : أما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك ، إن كان حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها ، ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإن كان الذي بلغني باطلا فإنك أنت أعذل الناس لذلك ، وعظ نفسك ، فاذكر ولعهد الله [ وبعهد الله ] أوف ، فإنك متى تنكرني أنكرك ، ومتى
[1] شرح نهج البلاغة ج 9 ص 50 ، تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 210 ومصادر أخرى .