وبكم ، وقد أخبرتكم مرة بعد أخرى أنه لا وفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا ، وأنا موجه رجلا آخر مكانه ، وأنا أعلم أنه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبه ، لا يراقب الله في ولا فيكم . فبعث إليه رجلا من مراد في أربعة آلاف ، وتقدم إليه بمشهد من الناس ، وتوكد عليه ، وأخبره أنه سيغدر كما غدر الكندي ، فحلف له بالأيمان التي لا تقوم لها الجبال أنه لا يفعل . فقال الحسن ( عليه السلام ) : إنه سيغدر . فلما توجه إلى الأنبار ، أرسل معاوية إليه رسلا ، وكتب إليه بمثل ما كتب إلى صاحبه وبعث إليه بخمسمائة ألف درهم ، ومناه أي ولاية أحب من كور الشام ، أو الجزيرة ، فقلب على الحسن ( عليه السلام ) وأخذ طريقه إلى معاوية ، ولم يحفظ ما أخذ عليه من العهود ، وبلغ الحسن ( عليه السلام ) ما فعل المرادي . . . . [1] . وكتب أكثر أهل الكوفة إلى معاوية ، فإنا معك ، وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك ، ثم أغاروا على فسطاطه وضربوه بحربة ، ثم كتب جوابا لمعاوية : إنما هذا الأمر لي ، والخلافة لي ولأهل بيتي ، وإنها محرمة عليك وعلى أهل بيتك ، سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والله لو وجدت صابرين عارفين بحقي غير منكرين ما سلمت لك ولا أعطيتك ما تريد [2] . فكما أنه قال ( عليه السلام ) : فإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله ، وحاكمناه إلى الله ، لو كان له أصحاب مثل ما كان لأخيه لكان له يوم كيوم الحسين ( عليه السلام ) ، ولكن الذين كانوا حوله كانت قلوبهم مع معاوية ، ولو قام لم يتيسر له مراده من بذل نفسه في ذات الله ، بل تحقق ما أراده معاوية وهو أن يمحو العفو والكرامة التي ظهرت من جده رحمة الله على العالمين ، عليه وعلى أبيه من المشركين ، حيث قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تثريب
[1] الخرائج والجرائح ج 2 ص 575 . [2] الخرائج والجرائح ج 2 ص 576 .