لبعض الموجودات ، وانطباع أقل قليل قوانين الكون وأسرار الكائنات في ذهنه ، كيف يمكن أن يرى خالق الذهن والفكر والمقنن للقوانين الحاكمة على الكون والمبدع لأسرار الخلقة ، فاقدا للعلم والحكمة ؟ ! هذا ، مع أن جميع ما توصلت إليه أذهان العلماء من أسرار الكون وقوانينه ، ما هو إلا كقطرة من معلومات أمام بحر من المجهولات ؟ ! { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } [1] . كيف يتقبل العقل أن الانسان الذي يستطيع أن ينسخ على لوحة ذهنه بعض سطور من كتاب الوجود ، عالم وحكيم ، بينما مؤلف كتاب الوجود وصانع ناسخه وجهاز الاستنساخ وما ينسخ ، لا إدراك له ولا شعور ؟ ! كلا ، ولهذا ترى أن فطرة منكر الخالق العالم القادر أيضا تشهد بوجوده { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون } [2] ، { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } [3] . دخل رجل من الزنادقة على علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) وعنده جماعة ، فقال له أبو الحسن ( عليه السلام ) : " أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم - وليس هو كما تقولون - ألسنا وإياكم شرعا سواء ، ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا ؟ فسكت . فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : وإن يكن القول قولنا - وهو كما نقول - ألستم قد هلكتم ونجونا ؟
[1] سورة الإسراء : 85 . [2] سورة العنكبوت : 61 . [3] سورة الزخرف : 9 .