" قوموا عني " ، مع أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا صافحه أحد لم يترك يده من يده حتى يكون هو التارك [1] ، وإذا جلس إليه أحد لم يقم حتى يقوم الذي جلس إليه [2] ، وكان أحيى الناس وأكرمهم لمن يرد عليه ، فقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " قوموا عني " يكشف عن تألمه إلى حد لم يتحمل جلوسهم عنده ، وقد قال الله تعالى : { والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم } [3] ، وقال سبحانه : { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة } [4] . الخامس : إن هذه المقالة صارت سببا لرفع الأصوات عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } [5] ، وقال سبحانه : { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } [6] ، كما صارت سببا للتنازع عنده ، وقد قال سبحانه : { وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا } [7] ، وقد قال الله تعالى : { فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول } [8] ، فصار الذي جعله الله مردودا إليه في كل أمر ، مردودا عليه في أمره ! السادس : إن الغاية القصوى من إرسال الرسل وإنزال الكتب هداية الانسان
[1] الكافي ج 2 ص 671 . [2] مكارم الأخلاق ص 17 . [3] سورة التوبة : 61 . [4] سورة الأحزاب : 57 . [5] سورة الحجرات : 2 . [6] سورة الحجرات : 3 . [7] سورة الأنفال : 46 . [8] سورة النساء : 59 .