العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا ، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ، ألفا في صفر ، وألفا في رجب ، وثلاثين درعا عادية من حديد . فصالحهم على ذلك ، وقال : والذي نفسي بيده ، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا . وروي أنه ( عليه السلام ) لما خرج في مرط أسود ، فجاء الحسن ( رضي الله عنه ) فأدخله ، ثم جاء الحسين ( رضي الله عنه ) فأدخله ثم فاطمة ، ثم علي رضي الله عنهما ، ثم قال : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } [1] . واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث ) [2] . ولا يتسع المجال لشرح الآية الكريمة والحديث الشريف ، فنكتفي بنقاط : الأولى : إنما جمع النبي عند خروجه عليا وفاطمة والحسنين وأدار عليهم الكساء وقرأ الآية { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } ، ليثبت أن الدعاء الذي يخرق نواميس الطبيعة ، ويهيمن على أسبابها ، ويستجاب فورا بإرادة الله تعالى ، لابد أن يصعد إلى خالق الكون من روح مطهرة من كل أنواع الرجس { إليه يصعد الكلم الطيب } [3] ، وأن هذه الطهارة بإرادة الله تعالى متحققة في هؤلاء النفر ، أصحاب الكساء ، صلوات الله عليهم . الثانية : أن الله سبحانه جعل دعاء الرسول علة تامة للإجابة ، ولكنه في هذه
[1] سورة الأحزاب : 33 . [2] التفسير الكبير ج 8 ص 80 . [3] سورة فاطر : 10 .