بكلمات فأتمهن ، قال الله تعالى : { إني جاعلك للناس إماما } ، وبسبب عظمة هذا المقام طلبه إبراهيم لذريته فأجابه الله تعالى : { لا ينال عهدي الظلمين } . وعبر الله تعالى عن الإمامة ب ( عهد الله ) الذي لا يناله إلا المعصوم ، إذ لا شك أن إبراهيم لم يسأل الإمامة لجميع ذريته ، فإنه لا يمكن أن يسأل خليل الله من العدل الحكيم الآمر بالعدل والإحسان الإمامة للمتلبس بالظلم والعصيان ، فكان دعاؤه للعدول من ذريته ، ولما كان طلبه عاما لمن هو عادل بالفعل وإن تلبس بالظلم في الماضي كان المقصود من الجواب عدم الاستجابة بالنسبة إلى هذا القسم من الذرية العدول ، فدلت الآية الشريفة أن الإمامة المطلقة مشروطة - بحكم العقل والشرع - بالطهارة والعصمة المطلقة ، فهيهات أن ينالها من عبد اللات والعزى ، وأشرك بالله العظيم ، وقد قال سبحانه : { إن الشرك لظلم عظيم } [1] . - حكومة السنة . . . الآية الثالثة : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } [2] ، فقد عطف في الآية " أولي الأمر " على " الرسول " ، ومع أن العطف في قوة التكرار لكنه اكتفى ب ( أطيعوا ) واحدة ولم يكررها ، ليبين أن إطاعتهم وإطاعة الرسول من سنخ واحد ، وحقيقة واحدة ، فكما أن إطاعة الرسول غير مقيدة بقيد ولا شرط في الوجوب ، ولا حد في الواجب ، فكذلك إطاعة أولي الأمر . ومثل هذا الوجوب لا يكون إلا مع عصمة أولي الأمر ، لأن إطاعة كل أحد مقيدة لا محالة بعدم مخالفة أمره لأمر الله تعالى ، وإلا لزم الأمر بعصيان الإله ، ولما كان أمر المعصوم - بمقتضى عصمته - غير مخالف لأمر الله تعالى ، كان وجوب إطاعته غير مقيد بقيد .