مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها } [1] . * * بهذا التعليم وهذه التربية بالقرآن ، أثمرت شجرة الانسانية بعمل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقدم أعلى ثمراتها الفريدة إلى البشرية ، وهو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . ويكفي من موسوعة فضائله العلمية والعملية بعض سطور : لقد اقتضى أدبه ( عليه السلام ) أن لا يظهر علمه ومعرفته في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فكان قمرا تحت شعاع الشمس . ثم واجه بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ظروفا كان معها في محاق الاضطهاد ممنوعا من أن تشرق أشعة أنواره على الأمة . ثم في مدة الخمس سنوات - تقريبا - التي حكم فيها ، ابتلي بحروب صعبة ، حرب الجمل ، وصفين ، والنهروان ! لكن في هذه الفرصة القليلة كان ( عليه السلام ) إذا أسندت له وسادة الكلام ، نطق بما هو دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق - على حد تعبير ابن أبي الحديد - [2] . ومن تأمل في حقائق خطبته الأولى من نهج البلاغة في معرفة الله تعالى ، ولطائف خطبته في أوصاف المتقين ، وسياسة النفس ، وما أودع في عهده إلى مالك الأشتر من قواعد إدارة المجتمع وسياسة المدن ، يرى أنه بحر محيط في الحكمة النظرية والعملية ، مع أن هذه الروائع الثلاث ما هي إلا قطرات من ذلك البحر المتلاطم بأمواج العلم والمعرفة والفصاحة والبلاغة ! كان إذا قدم إلى الحرب لم يشهد التاريخ شجاعا مثله ، كان يلبس درعا لا ظهر
[1] سورة إبراهيم : 24 - 25 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 24 .