جاءني محمد بن عثمان العمري ، فتخطى الناس حتى اتكأ على تكأتي ، فاغتظت من ذلك ، ولم يزل قاعدا ما يبرح ، والناس داخلون وخارجون ، وأنا أزداد غيظا . فلما تصرم [ الناس ، وخلا ] المجلس ، دنا إلي وقال : بيني وبينك سر فاسمعه ، فقلت : قل . فقال : صاحب الشهباء والنهر يقول : قد وفينا بما وعدنا . فذكرت الحديث وارتعت من ذلك ، وقلت : السمع والطاعة . فقمت فأخذت بيده ، ففتحت الخزائن ، فلم يزل يخمسها ، إلى أن خمس شيئا كنت قد أنسيته مما كنت قد جمعته ، وانصرف ، ولم أشك بعد ذلك ، وتحققت الأمر . فأنا منذ سمعت هذا من عمي أبي عبد الله زال ما كان اعترضني من شك [1] . وجه الاستفادة من وجود الإمام ( عليه السلام ) في غيبته لا شك أن غيبة إمام العصر والزمان صلوات الله عليه خسارة كبيرة للأمة وللعالم ، وأن البشرية قد حرمت من قسم كبير من البركات المتوقفة على حضوره ، ولكن قسما منها لا يتوقف على ذلك ، فإنه صلوات الله عليه كالشمس لا يمكن للغيبة أن تمنع تأثير أشعتها في قلوب المؤمنين النقية ، كما تنفذ أشعة الشمس في باطن الأرض وتغذي الجواهر النفيسة وتنميها ، ولا تستطيع الصخور ولا طبقات الأرض أن تمنع استفادتها من أشعتها . وكما أن الاستفادة من الألطاف الخاصة الإلهية لها طريقان : الأول : الجهاد في الله ، بتصفية النفس من الكدورات المانعة من انعكاس نور