فقال : يا بني قد كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت لولاية قم حين استصعبت على السلطان ، وكان كل من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها ، فسلم إلي جيش وخرجت نحوها ، فلما بلغت إلى ناحية طزر خرجت إلى الصيد ففاتتني طريدة ، فاتبعتها ، وأوغلت في أثرها ، حتى بلغت إلى نهر ، فسرت فيه ، وكلما أسير يتسع النهر ، فبينما أنا كذلك إذ طلع علي فارس تحته شهباء ، وهو متعمم بعمامة خز خضراء ، لا أرى منه إلا عينيه ، وفي رجليه خفان أحمران ، فقال لي : يا حسين . فلا هو أمرني ولا كناني ، فقلت : ماذا تريد ؟ قال : لم تزري على الناحية ؟ ولم تمنع أصحابي خمس مالك ؟ وكنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئا فأرعدت [ منه ] وتهيبته ، وقلت له : أفعل يا سيدي ما تأمر به . فقال : إذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه ، فدخلته عفوا وكسبت ما كسبته ، تحمل خمسه إلى مستحقه . فقلت : السمع والطاعة . فقال : إمض راشدا ، ولوى عنان دابته وانصرف فلم أدر أي طريق سلك ، وطلبته يمينا وشمالا فخفي علي أمره ، وازددت رعبا وانكفأت راجعا إلى عسكري وتناسيت الحديث . فلما بلغت قم وعندي أني أريد محاربة القوم ، خرج إلي أهلها وقالوا : كنا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا فأما إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك ، ادخل البلدة فدبرها كما ترى . فأقمت فيها زمانا ، وكسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدر ، ثم وشى القواد بي إلى السلطان ، وحسدت على طول مقامي ، وكثرة ما اكتسبت ، فعزلت ورجعت إلى بغداد ، فابتدأت بدار السلطان وسلمت عليه ، وأتيت إلى منزلي ، وجاءني فيمن