قد صعدت في سلم ، والصبي معها ، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات ، فما تغير لوني لموت الصبي ، وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب ، قال لها : أنت حرة لوجه الله ، لا بأس عليك ، مرتين [1] . فمع أنه ( عليه السلام ) نهاهم وخالفته الأمة وعصته وعصت الله سبحانه ، وارتعدت برؤيتها له ، وكانت هي السبب في ذلك كله ، ولكنه لم يتغير لونه لموت فلذة كبده ، وإنما تغير لاضطراب قلب الجارية ، وأسكن اضطرابها بعتقها وآمنها بنفي البأس عليها عن مؤاخذة الدنيا وعذاب الآخرة ! وبذلك أظهر ( عليه السلام ) بموت ولده بأمر الخالق منتهى الرضا لله ، وأظهر بموت ولده بفعل الخلق منتهى الرحمة لخلق الله ، فالله أعلم حيث يجعل خلافته . وفي الصحيح عن هشام بن سالم ، قال : كان أبو عبد الله إذا أعتم وذهب من الليل شطره ، أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم ، فحمله على عنقه ، ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة ، فقسمه فيهم ولا يعرفونه ، فلما مضى أبو عبد الله فقدوا ذا [ ذلك ] فعلموا أنه كان أبا عبد الله [2] . حكمه ومواعظه ( عليه السلام ) ومن حكمه ومواعظه ما عن بعض أصحابه ( عليه السلام ) ، قال : دخلت عليه وموسى بين يديه ، وهو يوصيه بهذه الوصية ، فكان مما حفظت منها ، أن قال : يا بني اقبل وصيتي ، واحفظ مقالتي ، فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا ، يا بني من قنع بما قسم له
[1] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 274 . [2] الكافي ج 4 ص 8 .