فهل يعقل أن نقول : إن مهمة هذا القرآن في هداية الناس وتربيتهم وحل مشاكلهم ورفع اختلافاتهم قد انتهت برحيل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! فهل ترك الله ورسوله هذا الكتاب المبين الذي يتضمن كل ما يحتاج إليه البشر ، من دون أن يعين له مبينا ومفسرا ؟ ! ومن هنا ، فإن تصور حقيقة القرآن الحكيم المنزل من عند العليم الحكيم على النبي الذي من الله ببعثه على المؤمنين ، ليتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، يستلزم التصديق بوجود معلم إلهي ، ومفسر رباني ، عنده علم الكتاب الذي أنزله الله تبيانا لكل شئ . وهل يقبل عاقل أن الله ورسوله قد أوكلا تعيين المبين لدين الله إلى الذين يجهلون علوم القرآن وأسراره ، وقوانين الاسلام وأهدافه ؟ ! الوجه الثاني : إن الإمامة للإنسان عبارة عن الإمامة والقيادة لعقل الانسان ، لأن موضوع بحث الإمامة من يكون إماما للإنسان ، وإنسانية الانسان بعقله وفكره " دعامة الانسان العقل " [1] . ففي نظام خلقة الانسان تحتاج قواه وأعضاء بدنه إلى توجيه حواسه ، وتحتاج أعصاب حركته إلى أعصاب حسه ، لكن الذي يوجه الحواس ويميز صوابها وخطأها ، هو عقله ، وهذا العقل ذو إدراك محدود ، معرض للخطأ والهوى ، فهو يحتاج إلى قيادة عقل كامل محيط بالداء والدواء ، وبعوامل نقص الانسان وتكامله ، مصون عن الخطأ والهوى ، لكي تتحقق بإمامته هداية عقل الانسان .