المحاق ، وهو انطباق مركز القمر على الخطِّ الفرضيِّ بين مركزي الشمس والأرض ، وتبدأ دورته الجديدة الطبيعيَّة بخروجه من المحاق أي الانطباق ولا تتأثَّر ببقاع الأرض من بقعة لأُخرى بل هي محدودةٌ بدايةً ونهايةً ، فنهايتها بانطباق مركز القمر على الخطِّ الفرضيِّ بمعنى أنَّه أثناء دورته يسبح في نقطة بين الشمس والأرض ، وفي تلك النقطة بالذات يكون مواجهاً لجميع بقاع الأرض بوجهه المظلم تماماً ومختفياً عنها وجهه المنير كاملا وبدايتها بتحرُّكه عن هذه النقطة وخروجه منها ، ولا معنى لافتراض النسبة فيه هذا كلُّه بالنسبة إلى دورته الطبيعيَّة حول الأرض الَّتي تشكِّل الشهر القمريَّ الطبيعيَّ ، وأمَّا الشهر القمريُّ الشرعيُّ فهو مرتبطٌ مضافاً إلى ذلك برؤية الهلال بالعين المجرَّدة على ما نطقت به الآية الشريفة والروايات كقوله تعالى : ( فَمَنْ شَهدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصمْهُ ) وقوله ( عليه السلام ) " صُم للرؤية وافطر للرؤية " وعلى هذا الأساس فبما أنَّ بقاع الأرض تختلف في خطوط الطول ، فإن البلدان الواقعة في النصف الشرقيِّ من الكرة الأرضيَّة كما تختلف عن البلدان الواقعة في النصف الغربيِّ من الكرة في الشروق والغروب بنسب متفاوتة ، حيث أنَّ الشمس قد تغرب في بلد بعد غروبها عن بلد آخر بدقائق قليلة أو بساعة أو ساعات ، كذلك تختلف في رؤية الهلال باعتبار أنَّ الهلال إذا خرج عن المحاق فكلَّما ابتعد عنه زاد الجزء المضيء من القمر المواجه للأرض كمَّاً وكيفاً إلى أن يصبح بعد ساعات ممكن الرؤية بالعين المجرَّدة ، كما إذا خرج القمر عن المحاق قبل الغروب بزمن قليل في بلد كباكستان مثلا ، فإنَّ الجزء الخارج لضآلته لا يمكن رؤيته ولكنَّه بعد ساعات قابل للرؤية لازدياد ذلك الجزء نوراً وحجماً كلَّما ابتعد عن المحاق ، فيمكن أن لا يرى الهلال في بلد ويرى في بلد آخر يتأخَّر غروب الشمس فيه عن غروبها في البلد الأوَّل بأكثر من ساعات ، فالنتيجة أنَّ رؤية الهلال تختلف باختلاف