الدورة تسعة وعشرين يوماً وقد تطول ثلاثين يوماً وهي دورة القمر حول الأرض ، وبما أنَّ نصفه يواجه الشمس فيكون مضيئاً ونصفه الآخر لا يواجه الشمس فيكون مظلماً كالأرض ، غاية الأمر أنَّ الأرض تدور حول الشمس وتطول دورتها سنةً كاملةً ، وأمَّا القمر فيدور حول الأرض وتطول دورته شهراً كاملا وتنتهي بدخول المحاق ، وهو ما يقع على الخطِّ الفرضي بين مركزى الأرض والشمس هذا من ناحية ، ومن ناحية اُخرى أنَّ خروج القمر من المحاق طبيعياً لا يكفي شرعاً في بداية الشهر القمريِّ ، فإنَّ الشهر القمريَّ لدى الشرع مرتبطٌ بتوفُّر أمرين : أحدهما : خروج القمر من المحاق وشروعه في التحرُّك والابتعاد عن الخطِّ الفرضيِّ الموصل بين مركزي الشمس والأرض ، فيقابل عندئذ جزء من نصفه المضيء الأرض . والآخر : أن يكون ذلك الجزء المقابل للأرض قابلا للرؤية بالعين المجرَّدة ، ومن ناحية ثالثة أنَّ خروج القمر من المحاق طبيعياً وهو ابتعاده في تحرُّكه عن الخطِّ الموصل بين مركزي الشمس والأرض أمرٌ تكوينيٌّ لا يختلف باختلاف بقاع الأرض ، فإنَّه ما دام يسبح في ذلك الخطِّ الفرضي بين المركزين فهو في المحاق وغائبٌ عن أهل بقاع الأرض كلا ، على أساس أنَّ حجم الشمس الكبير عدَّة مرَّات عن حجم الأرض يمنع عن مواجهة جزء من القمر لأيِّ بقعة من بقاع الأرض من أقصاها إلى أدناها ، فإذا تحرَّك وابتعد عن ذلك الخطِّ يسيراً خرج عن المحاق ، وهذا أمرٌ كونيٌّ محدَّد لا يتأثَّر باختلاف بقاع الأرض ، فلذلك لا معنى لافتراض كون خروج القمر من المحاق أمراً نسبيَّاً ، وبكلمة أنَّ الدورة الطبيعيَّة للقمر حول الأرض الَّتي هي من المغرب إلى المشرق تنتهي بدخوله في