ففي جميع هذه الصور هل يتنجَّس الماء ؟ والجواب : إمَّا في الصورة الاُولى فلا يتنجَّس الماء ، ولا مقتضي لذلك ، وإمَّا في الصورة الثالثة فالأمر كما في الصورة الاُولى ، لأنَّ برودة الجو الَّتي تمنع عن تأثُّر الماء برائحة الجيفة النجسة بحيث لو كان الجوُّ معتدلا أو حارَّاً لحدث التغيُّر فيه ، تمنع عن تنجُّسه بسبب منعها عن تحقُّق موضوعه في الخارج . وأمَّا في الصورة الثانية فيتنجَّس الماء ، لأنَّه متغيِّرٌ بأحد أوصاف النجس واقعاً ، غاية الأمر أنَّه لمَّا كان ملوَّناً باللون الأحمر كان ذلك مانعاً عن ظهوره وبروزه خارجاً . ( مسألة 36 ) : إذا تغيَّر الماء بغير اللون ، والطعم والريح ، بل بالثقل أو الثخانة ، أو نحوهما لم ينجس . ( مسألة 37 ) : إذا تغيَّر لونه أو طعمه أو ريحه بالمجاورة للنجاسة لم ينجس أيضاً . ( مسألة 38 ) : إذا تغيَّر الماء بوقوع المتنجِّس فيه لم ينجس ، إلاَّ أن يتغيَّر بوصف النجاسة الَّتي هي موجودةٌ في المتنجِّس ، كالماء المتغيِّر بالدَّم يقع في الكرِّ فيغيِّر لونه ، ويكون أصفر فإنَّه ينجس . ( مسألة 39 ) : يكفي في حصول النجاسة التغيُّر بوصف النجس في الجملة ولو لم يطابق مع النجس ، فإذا اصفرَّ الماء بملاقاة الدَّم تنجَّس ، إذ لا نعني بالتغيُّر الَّذي ينجِّس الماء الكثير أن يكتسب نفس لون النجس أو طعمه أو ريحه بالضبط . والثاني : وهو ما له مادَّةٌ لا ينجس بملاقاة النجاسة ، إلاَّ إذا تغيَّر بأحد أوصاف النجس ، على النحو الَّذي مرَّ في الماء الكثير الَّذي لا مادَّة له ، بلا فرق في ذلك بين ماء الأنهار ، وماء البئر ، وماء العيون وغيرها ممَّا كان له مادَّةٌ ، ولا بدَّ في الماء من أن يبلغ الكر ، ولو بضميمة ما له المادَّة إليه ، فإذا بلغ ما في