الأول : استشعاره لعظمة الله : المعبود بالحق الذي يريد القيام بين يديه امتثالا لأمره وتطلعا للمزيد من لطفه . والثاني : استشعاره عظمة الصلاة نفسها : العبادة الكبرى التي جعلها الله طهورا ، للعبد من الفحشاء والمنكر ، وسببا لنقائه وصفائه ومعراجا لارتقائه . إن العبد إذا آمن بالله عز وجل حق الايمان ، واستيقن بإحاطته الشاملة المطلقة بجميع الموجودات والمكونات حق اليقين ، وعلم حق العلم أن جميع الأشياء قائمة به سبحانه ، وخاضعة لأمره ومسلمة وجوهها إليه ، ومسبحة بحمده ، وأن كل ما ينالها من تكامل وتطور وارتقاء فهو نتاج لخضوعها لربها واسلامها لأمره اتباعها السبيل الذي يسره لها ووجهها إليه بتقديره وتدبيره . إن البذرة الصغيرة لا يمكن لها مطلقا أن تصبح شجرة كبيرة يانعة ، تؤتي أكلها وتنتج ثمرها ، ما لم تسلم وجهها لمكونها ومبدعها العظيم ، فتسلك السبيل الذي يسره والنظام الذي قدره . وإن النطفة الحقيرة لا يمكن لها أن ترتقي فتعود حيوانا كبيرا ، له منافعه وفرائده في الحياة ما لم تخضع لبارئها فتتبع ما أمرها به من أمر وتسير على ما نهج لها من نظام . وإن السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما لا يمكن لها أن تصل إلى هذه الغاية من الأحكام والاتقان ما لم تخضع للإله الذي صنع كل شئ فيها فأحسن ، وصور فأتقن ، وقدر فأحكم ، وربط الغايات فيها بالمبادئ والمسببات بالأسباب . وإن الحوين المنوي الضعيف النحيف لا يمكن له أن يصبح انسانا سويا كاملا ، تسخر له جميع ما في السماوات والأرض ، إلا إذا اتبع الهدى الذي وجهه إليه ربه ، وسار على نهجه طائعا خاضعا ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال ، والشجر والدواب ، وكثير من الناس ، وكثير حق عليه العذاب ،