تتحقق بأول وجود للطبيعة ، بل عنون تلك الأيام بعنوان محدد وهو شهر ، ولتمييزه عن غيره من الشهور قال : ( شهر رمضان ) ، وأشار إلى حكمة اختياره هذا الشهر بخصوصه بقوله : ( الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس . . . ) . وتخصيص الصيام المفروض بشهر رمضان يقتضي اعتبار ثبوته للصائم . والثبوت يشمل التخيلي ، والظني ، والقطعي ، الحدسي ، وعن طريق الحساب ، وبالشهود الشخصي وغيره وقد عينت الآية ثبوته بالشهود في قوله : ( فمن شهد منكم الشهر ) . ويمكن أن يستظهر من الآية المباركة شئ آخر غير تعليق تنجز الصيام على الشهود ، وهو عدم انحصاره في الشهود الشخصي ، وإن كان هو المتبادر من الآية ، وذلك لأنها لم تقتصر على الربط بين الصوم والشهود ، بل أضافت كلمة ( منكم ) أي من المؤمنين المخاطبين في مطلع الآية وكأنها تشير إلى أن شهود بعض المؤمنين كاف في تنجز الحكم بعد توفر شرائط فعلية الخطاب الموجه لجميع المؤمنين بكتابة الصوم عليهم ، ولو لم يشهد المكلف الهلال بنفسه لعجز كالعمى أو لعارض سماوي أو أرضي ولو كان مقصود الآية المباركة مجرد الربط بين الصيام والشهود لاستغنت عن كلمة ( منكم ) بقولها : ( فمن شهد الشهر فليصمه ) فإنه من المعلوم أن الخطاب موجه إلى المؤمنين .