دون أخرى وفي قطر دون آخر ، إلا إذا كانت الرؤية في البلد المتقدم كما أشرنا . وهذا هو الذي حققته العلوم الهيوية وأثبتته الأرصاد الجوية الحديثة . الدليل النقلي : سبق أن أشرنا إلى أن المشهور هو اشتراط الوحدة في الأفق . ويظهر من متابعة استدلالهم أن أكثر اعتمادهم على أمرين : ( أ ) ما يتبادر من روايات الرؤية فإنها بين مقيدة بخصوص رؤية المكلفين ، وبين مطلقة ترجع إليها وتحمل عليها . ( ب ) انصراف روايات البينة التي تشهد من خارج البلد إلى البلدان القريبة المتحدة في الأفق فإنه المرتكز في أذهان العرف المخاطب بالحكم الشرعي آنذاك . ولا نعني أنهم لم يخطر ببالهم وجود بلدان بعيدة ، بل المدعى أنهم لا يعممون المتبادر من اللفظ بحيث يشملها ، وفرق بين تعيين المصداق ، والسكوت عنه وعدم الالتفات إليه . ونظير هذا ما أفتى به الفقهاء من الانصراف عند إطلاق النقد في العقد إلى نقد البلد . وهو يرجع في واقعه إلى التقييد الاستعمالي الذي لا يخرج عن حريم اللفظ والظهور [1] ، وربما يعبر عنه بالمتبادر المتيقن
[1] يظهر من السيد الأستاذ في المباحث الفقهية المناقشة في كبرى الانصراف . وقد كان هذا توجيها مني للانصراف المدعى في المقام على ما أفهمه . وهذه المسألة تحتاج إلى تحقيق معنى الفهم العرفي وكيفية خروج انصراف المعنى لغلبة الاستعمال منه ، والتفصيل بين قرينة الانصراف وسائر القرائن الحالية .