المقام الثالث حول حدود حكم الصيام المفروض لما كانت النفوس تسعى بطبعها نحو الاستقلالية ، وترفض القيود تجدها تبحث عما يخفف عنها وطأة العبودية من مقيد زماني أو مكاني أو أفرادي أو حالي للحكم الصادر من المولى . والصوم من المسائل التي تحد من حرية الشهوات الحيوانية التي تجري مجرى دم الانسان وتمتلك عليه عقله ، ولهذا كان من الطبيعي أن يفتش المكلف عن مقيد لهذا الحكم . والخطاب وإن جاء عاما لجميع المؤمنين في بداية الآية دالا على مطلوبية الصوم وفضله حتى من غير البالغين [1] ولكنه قيد فعلية الحكم بعدم السفر والمرض في استثناء متصل بقوله : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) [2] ، وأردف ذلك بكلام مستهل
[1] فإن غير البالغ إن كان مميزا يشمله الخطاب القرآني ( يا أيها الذين آمنوا ) ونحوه وإنما قامت الأدلة على رفع اللزوم عنه ، وأما أصل التشريع فهو ثابت في حقه ، ولا مانع من تحقق الايمان من الصبي المميز غير البالغ بل هو واقع . وبهذا يمكن تصحيح شرعية عبادة الصبي ، وهو تحقيق اعتمده السيد الأستاذ فيما يرتبط بهذه المسألة المهمة التي أثارها أعداء أمير المؤمنين والحسن والحسين ( عليهم السلام ) . [2] سورة البقرة : 185 .