إلهي أنى لي أن أعرف ما طلبت مني ، لأنجز ما طلبت مني . اللهم أعني على فهم ما أقرأ . اللهم اعن كتب الفقه على الافصاح عما تريد قوله ، لأحقق ما تريد قوله . وانتظرت أبي على المائدة الليلية مساء اليوم . . . وحين حل المساء ، بدت عيوني متعبة ، قلقة ، منكسرة الأجفان أول الأمر ، ثم ما لبثت أن أخذت تومض ببريق كالفضة ، امتزج فيه الأسى بالاصرار على التحدي . وما أن انتظمت بنا المائدة ، وحضر أبي حتى أخذ قلبي يدق ، وتوردت وجنتاي ، وارتفعت درجة حرارة أذني كأن حمى مفاجئة أشعلتهما ، وداهمني شعور بالحرج ، والخجل ، والحيرة ، والارتباك ، والتردد ، وأنا أعيد في ذاكرتي واردد كلمات وجملا توحي بالعجز عن استيعاب مادة مقروءة . واستنجدت بشجاعتي وبعزمي على الاعتراف بالنقص ، وقلت لأبي . - لقد راجعت كتب الفقه فاستعصت علي ، وأبت أن تفتح لي قلبها . . . وما كدت أنهي حرفي الأخير من كلمتي الأخيرة ، حتى شردت عينا أبي ، وغارتا كما يبدو في مستنقع من الماضي عميق ، ثم عادتا بعد برهة كمن يعود من سفر شاق ممض طويل ، ودارتا حول عيني كأنهما تريدان أن تقولا شيئا ، غير أن شفتيه انفرجتا عن صوت خافت مشوب