وتقرب الاستدلال به ، إن ما لم يعلم حرمته ولم يقم على حرمته حجة مرفوع عن الأمة ، ومعنى رفعه ليس رفع الحكم الواقعي كي يختص الأحكام بالعالمين ، وإلا لزم الخلف لعدم امكان أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه ، أضف إليه النصوص . الدالة على اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين . ولا رفع المؤاخذة ، إذ لا حاجة إلى التقدير بعد كون الرفع تشريعا واخراجا للموضوع عن عالم التشريع . بل المرفوع هو الحكم في مرحلة الظاهر - أي ايجاب الاحتياط - لا بتقديره ، بل من جهة أن ايجاب الاحتياط إنما يكون من مقتضيات نفس التكليف الواقعي فثبوته إنما يكون نحو ثبوت للحكم الواقعي ، فلهذا يصح في مقام التعبير عن رفعه ، أنه رفع الحكم الواقعي في الظاهر وإذا رفع ذلك ترتب عليه عدم المؤاخذة على مخالفة التكليف الواقعي ، فإن المؤاخذة كوجوب الطاعة من الأمور الواقعية المترتبة على المجعول الشرعي أعم من الظاهري و الواقعي ، فكما أن عدم الحكم الواقعي مستلزم لعدم العقاب كذلك التعبد بعدمه في الظاهر . والمراد من لفظة ( ما ) التي هي من الموصولات وموضوعة لمفهوم جامع بين جميع الأشياء نظير لفظ ( الشئ ) هو الجامع بين الحكم والفعل ، فيعم الحديث الشبهة الحكمية و الموضوعية . فإن قيل إن لازم ذلك هو الجمع بين الاسناد الحقيقي والمجازي ، حيث إن اسناد الرفع إلى الفعل مجازي والمرفوع في الحقيقة حكمه - وإلى الحكم حقيقي . أجبنا عنه : بأن الرفع بما أنه تشريعي لا تكويني ، واخراج الموضوع عن عالم التشريع ممكن حقيقة فاسناده إلى كل منهما حقيقي . أضف إلى ذلك : أن الاسناد في مقام الانشاء والاستعمال وإن كان واحدا إلا أنه في الحقيقة واللب يكون اسنادات عديدة حسب تعدد المصاديق ، فلا مانع من كون أحدها حقيقيا والآخر مجازيا . فالمتحصل من هذه الجملة من الحديث أن كل ما لم يثبت حرمته في الشريعة محكوم في الظاهر بالحلية والإباحة ولا يؤاخذ عليه .