الوجه الخامس : النبوي المشهور ، إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه [1] . وفيه أولا : إن هذا النبوي لا أصل له في أصول العامة والخاصة ، والموجود في أصول العامة ، هكذا : إن الله إذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم ثمنه [2] ، فهو لم يثبت كونه رواية ، و الموجود في كتبهم مضافا إلى ضعف سنده غير مربوط بالمقام . وثانيا : إن الظاهر من تحريم الشئ بقول مطلق تحريم جميع منافعه ، ولا يشمل ما حرم بعض منافعه ، فالمتحصل عدم دليل على بطلان بيعه . فيتعين الرجوع إلى العمومات القاضية بالصحة والنفوذ . حكم الشريعة في بيع المذياع جواز وحرمة : وأما المورد الثاني : فمقتضى القواعد والأصول جوازه تكليفا . واستدل لعدم الجواز بما تقدم من النصوص . وأورد عليه بأن النهي عن المعاملة ، ظاهر في الارشاد إلى الفساد ، ولا يستفاد منه الحرمة النفسية ، فالنصوص المتقدمة دالة على عدم النفوذ لا الحرمة . وفيه : إن النهي عن المعاملة ، تارة يتعلق بالآثار والتصرف في الثمن أو المثمن ، وأخرى يتعلق بعنوان آخر منطبق عليها ، وثالثة ، يتعلق بها . لا ريب في دلالة القسم الأول على الفساد ، إذ لا وجه للمنع عن التصرف في الثمن أو المثمن سوى عدم صحة المعاملة وبقائه على ملك مالكه ، ولا يستفاد منه الحكم التكليفي . كما لا ريب في عدم استفادة الفساد من القسم الثاني بل هو ظاهر في الحرمة النفسية . وأما الثالث : فإن كان بيان الحكم بصيغة النهي ووجه ذلك إلى المعاملة يكون ظاهرا في
[1] أورده العامة - والخاصة في كتبهم الاستدلالية راجع مسند أحمد - ج 1 - ص 322 والبحار ج 23 ص 17 - والخلاف ج 1 ص 225 - والغنية - وغيرها . [2] مسند أحمد ج 1 - ص 247 - وص 293 - السنن الكبرى ج 6 ص 13 .