العديدة ، وابن حزم الأندلسي ذهبوا إلى تحريم منع الولد مطلقا فإن فيه صرف السيل عن واديه مع حاجة الطبيعة إليه واستعدادها للانبات والأثمار لما ينفع الناس ويعمر الكون . وفيه : أن هذا التعليل بنفسه لا يوجب الحرمة غايته الكراهة مع عدم انطباق عنوان ثانوي مطلوب كحفظ النظام عليه . فالمتحصل : من مجموع ما ذكرناه ، جواز تحديد النسل وتنظيمه ، من حيث أنفسهما بل ربما يكونان راجحين بل واجبين في بعض الأحيان . نعم تحديد النسل النوعي ، بمعنى توقيف نسل الأمة إلى حد معين حرام كما مر . حكم اسقاط الحمل : إذا عرفت ما ذكرناه يقع الكلام في حكم طرق تحديد النسل . أما الطريقة الأولى ، وهي اسقاط الحمل ، فقد اتفقت الأمة على أنه بعد نفخ الروح فيه حرام لا يحل لأحد أن يفعله لأنه جناية على الحي - كما أنهم اتفقوا على حرمته إذا أوجب هلاك الأم - ويشهد لحرمته ، ما دل على حرمة القاء النفس في الهلكة ، ووجوب حفظ النفس المحترمة من الآيات والروايات الواردة بالسنة مختلفة . إنما : الكلام في اسقاط الحمل قبل نفخ الروح فيه وعدم الاضرار بالأم . والذي أختاره إن اسقاط الحمل فيه الدية ، تدفع إلى من يرث المال منه لو كان حيا ، وحرام . أما ثبوت الدية : وهي عشرون دينارا [1] ، إذا كان نطفة ، وأربعون ، إذا كان علقة ، وستون ، إذا كان مضغة ، وثمانون ، إذا كان عظما ، ومائة ، إذا كسي اللحم ، ودية كاملة ، وهي ألف دينار إذا كان ذكرا ، وخمسمائة إذا كان أنثى ، إذا كان ولج فيه الروح ، كما هو المشهور بين الأصحاب ، وعن غير واحد دعوى الاجماع عليه
[1] الدينار مثقال شرعي من الذهب وهو ثلاثة أرباع الصيرفي فيكون العشرون دينارا خمسة عشر مثقالا صيرفيا .